والعشيرة والموالي وقد ذهبت الموالي واحتجت حاجة شديدة، فقدِمت عليكم لتعطوني وتكسوني وتحملوني، قال: لها النَّبِيّ - ﷺ -: "فأين أنتِ من شباب مكة؟ " وكانت مغنية ونائحة. فقالت: ما طُلِبَ مِني شيء بعد وقعة بدر، فحثَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليها بني عبد المطَّلب وبني هاشم، فأعطوها، وكَسَوْها وحملوها نفقة، فأتاها حاطب بن أبي بلتعة - رضي الله عنه - حليف بني عبد العزى (١)، فكتب معها إلى أهل مكة كتابًا، وأعطاها عشرة دنانير. هذِه رواية باذان (٢) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقال مقاتل: أعطاها عشرة دراهم وكساها برُدًا على أن توصل الكتاب إلى مكة، وكتب في الكتاب: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة، أنَّ النبيَّ - ﷺ - يريدكم، فخذوا حِذْركم، فخرجَتْ سارة، فنزل جبريل عليه السلام، فأخبر النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- بما فعل حاطب، فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليًّا وعمارًا وعمر، والزُّبير، وطلحة، والمِقْداد بن الأسود وأبا مَرْثد - رضي الله عنهم -، وكلُّهمِ كانوا فرسانًا، وقال لهم: "انطلِقُوا حتَّى تأتُوا رَوْضَة خاخ (٣) فإنَّ بها ظعِينَةً معها كتابٌ من حاطبٍ بن أبي بلتعة إلى المشركين فخذوه منها، وخلُّوا سبيلها، وإن لم تدفع لكم فاضربوا عنقها".

(١) بنو عبد العزي: بطن من عبد مناف، من قريش، من العدنانية، وهم: بنو عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف، وأيضًا بنو عبد العزى: بطن من بني قصي بن كلاب من قريش، من العدنانية.
انظر: "نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب" للقلقشندي (ص ٣٣٧).
(٢) في الأصل: زاذان والتصويب من (م).
(٣) روضة خاخ: مكان قريب من حمراء الأسد بالقرب من المدينة.
انظر: "معجم ما استعجم" للبكري ١/ ٤٨٢.


الصفحة التالية
Icon