فأمَّا أوَّل جمعة جمعها رسول الله - ﷺ - بأصحابه، فقال أهل السير والتواريخ: قدم رسول الله - ﷺ - المدينة مهاجرًا حتى نزل بقباء (١) علي بني عمرو بن عوف (٢)، وذلك يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول حين اشتد الضحى، ومن تلك السنة يُعد التاريخ، فأقام - ﷺ - بقُباء يوم الاثنين ومن الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس، فأسَّس مسجدهم ثم خرج من بين ظهرانيهم يوم الجمعة عامِدًا إلى المدينة، فأدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف (٣) في بطن وادٍ لهم قد اتَّخذ القوم في ذلك الموضع مسجدًا، فجمع بهم وخطب في هذِه الجمعة وهي أول خطبة خطبها بالمدينة فقال رسول الله - ﷺ -: "الحمدُ لله أحمدُه وأستعينه وأستغفره وأستهديه وأُؤمن به ولا أكفره، وأُعادي من يكفُره، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى

(١) قباء: بالضم، وأصله اسم بئر هناك عرفت القرية بها، وهي مساكن بني عمرو بن عوف من الأنصار، والمتقدمون في الهجرة من أصحاب رسول الله - ﷺ - بنوا فيه مسجدًا، فلمَّا هاجر رسول الله - ﷺ - صلَّى بهم فيه، وأهل قباء يقولون هو المسجد الذي أُسِّسَ على التقوى من أول يوم، وقيل: إنَّه مسجد رسول الله - ﷺ -.
انظر: "معجم البلدان" لياقوت ٤/ ٣٠١.
(٢) بنو عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، هم بطن من الأوس.
انظر: "نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب" للقلقشندي (ص ٣٧٢).
(٣) بنو سالم بن عوف: بطن من الخزرج من الأزد، من القحطانية، وهم بنو سالم بن عوف بن الخزرج.
انظر: "معجم قبائل العرب" لعمر كحالة ١/ ٤٩٧.


الصفحة التالية
Icon