ودين الحق والنور والموعظة والحكمة على فترة من الرُّسل وقلَّةٍ من العلم وضلالة من الناس، وانقطاع من الزمان ودُنُوٍّ من الساعة، وقُرْب من الأجل، من يُطِع الله ورسوله فقد رشَدَ، ومن يعص الله ورسوله فقد غَوى وفرَّط وضلَّ ضلالًا بعيدًا، أُوصيكم بتَقْوى الله فإنَّه خير ما أُوصي به المسلم أن يحضه على الآخرة وأن يأمره بتقوى الله، واحذروا ما حذَّركم الله من نفسه، فإنَّ تقوى الله لمن عمِلَ به على وَجلٍ ومخافةٍ من ربه عونُ صدقٍ على ما تتَّقون من أمر الآخرة، ومن يُصلح الذي بينه وبين الله من أمره في السرِّ والعلانية لا ينوي به إلَّا وجه الله يكون له ذكرًا في عاجل أمره، وذُخرًا فيما بعد الموت، حين يفتقر المرء إلى ما قدَّم وما كان مما سوى ذلك يود لو أنَّ بينه وبينه أمدًا بعيدًا: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (٣٠)﴾ (١) هو الذي صدق قوله ونجز وعده، لا خُلف لذلك، فإنَّه يقول: ﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩)﴾ (٢) فاتقوا الله في عاجل أمركم وآجله في السرِّ والعلانية فإنَّه: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾ (٣) ومن يتَّق الله فقد فاز فوزًا عظيمًا، وإنَّ تقوى الله تُوقي مقْتَه وتُوقي عقوبته وتُوْقي سخطه، وإنَّ تقوى الله تبيض الوجوه وتُرْضي الرَّب، وترفع الدرجة، فخذوا بحظِّكم ولا تفرِّطوا في جنب الله، فقد علمكم الله كتابَه، ونهج لكم سبيله ليعلم

(١) آل عمران: ٣٠.
(٢) ق: ٢٩.
(٣) الطلاق: ٥.


الصفحة التالية
Icon