الذين صدقوا ويعلم الكاذبين فأحسنوا كما أحسن الله إليكم، وعادوا أعداءه، وجاهدوا في الله حقَّ جهاده، هو اجتباكم وسمَّاكم المسلمين، لِيَهْلِك من هَلَك عن بيِّنة ويحيى من حيَّ عن بيِّنة، ولا حول ولا قُوَّة إلَّا بالله فأكثروا ذكر الله، واعملوا لما بعد الموت فإنَّه من يصلح ما بينه وبين الله يكفه الله ما بينه وبين الناس، ذلك بأنَّ الله يقضي على الناس ولا يقضُون عليه، ويملك من الناس ولا يملكون منه، الله أكبر، ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله العلي العظيم" (١)، فلهذا صارت الخطبة شرطًا في انعقاد الجمعة، وهو قول جمهور الفقهاء.
وقال الحسن: هي مستحبة وليست بفرض (٢). وقال سعيد بن جبير: هي بمنزلة الركعتين من صلاة الظهر، فإذا تركها وصلى الجمعة فقد ترك الركعتين من الظهر، وأقل ما يُجزئ في الخطبة الأولى أن يحمد الله ويصلي على نبيه - ﷺ - ويوصي بتقوى الله ويقرأ آية من القرآن في الخطبة الأولى، ويجب في الثانية أربع كالأولى، إلَّا أنَّ الواجب بدلًا من قراءة الآية في الأولى بالدعاء، بهذا قال أكثر الفقهاء (٣).

(١) انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري ٢/ ٧، "تاريخ خليفة بن خياط" ١/ ٥٥، "زاد المعاد" لابن القيم ١/ ٣٧٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٩٨ - ٩٩.
(٢) انظر: "المغني" لابن قدامة ١/ ١٧١.
(٣) انظر: "المغني" لابن قدامة ٣/ ١٧١، ١٧٣.


الصفحة التالية
Icon