لا أحبك بعد كلامك هذا. فقال عبد الله: اسكت فإنما كنت ألعب، فمشى زيد بن أرقم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذلك بعد فراغه من الغزو، فأخبره الخبر وعنده عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: دعني أضرب عنقه يا رسول الله.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذًا ترعد له أُنف كثيرةٌ بيثرب" (١)، فقال عمر: فإن كرهت يا رسول الله أن يقتله رجل من المهاجرين فمر سعد بن معاذ، أو محمد بن مسلمة، أو عباد (بن بشر بن وقش) (٢) فليقتلوه.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فكيف يا عمر إذا تحدّث الناسُ أَنَّ محمدًا يقتل أصحابه لا. ولكن أَذِّنْ بالرحيل" (٣)، وذلك في ساعة لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرتحل فيها، فارتحل الناس وأرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى عبد الله بن أُبي فأتاه فقال له: "أنت صاحب هذا الكلام الذي بلغنيَ؟ " فقال عبد الله: والذي نزل عليك الكتاب ما قلت شيئًا من ذلك قط وإن زيدًا لكاذب. وكان عبد الله في قومه شريفًا وعظيمًا،

(١) معنى ترعد له أنف: أي: تنتفخ، وتضطرب أنوفهم حمية وعصبية.
انظر "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ٢/ ٢٣٤ (رعد).
(٢) وقع في الأصل: بن أسيد بن وقص، والمثبت من (ت)، وكتب الرجال.
(٣) قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمر أخرجه البخاري كتاب التفسير، باب ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ﴾ (٤٩٠٦)، والحميدي في "مسنده" ٢/ ٥١٩.
وأخرجه مع ما قبله السمعاني في "تفسير القرآن" ٥/ ٤٤٤، من طريق الزهري، عن عروة، عن أسامة بن زيد فذكره.


الصفحة التالية
Icon