إلى المدينة أخرج الأعزُّ منها الأذل". فقال أُسيد -رضي الله عنه- فأنت والله تخرجه إن شئت، هو والله الذليل وأنت العزيز؛ ثم قال: يا رسول الله، أرفق به، فوالله لقد جاء الله سبحانه بك، وإنَّ قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه، فإنه ليرى أنك استلبته (١) ملكًا (٢). وبلغ عبد الله بن عبد الله ما كان من أمر أبيه فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أُبي، لما بلغك عنه، فإن كنت فاعلًا فمرني به، فإني أحمل إليك رأسه، فوالله لقد علمت الخزرج ما كان بها رجل أبر بوالديه مني، وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي أن أنظر إلى قاتل عبد الله أن يمشي في الناس فأقتله، فأقتل مؤمنًا بكافر، فأدخل النار، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بل نرفق به، ونحسن صحبته ما بقي معنا" (٣).

(١) في الأصل: استنبطته. وما أثبته من الهامش و"السيرة النبوية" لابن هشام ٣/ ٣٠٤.
(٢) نحو هذِه الكلمة قالها سعد بن عبادة -رضي الله عنه- للنبي -صلى الله عليه وسلم- عندما عاده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخرجها البخاري، كتاب التفسير، باب ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ (٤٥٦٥)، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب في دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وصبره على أذى المنافقين (١٧٩٨١).
(٣) خبر عبد الله بن عبد الله: أخرجه ابن إسحاق كما في"السيرة النبوية" لابن هشام ٣/ ٣٠٥، ومن طريقه أخرجه الطبري في "جامع البيان" ١٦/ ١٢٨ من طريق عاصم بن عمر بن قتادة أن عبد الله أتى رسول الله، فقال: يا رسول الله.. وفيه انقطاع، فعاصم بن عمر لم يدرك عبد الله بن عبد الله -رضي الله عنه-.
ويشهد له ما رواه الحميدي في "مسنده" ٢/ ٥٢٠ من طريق ووجه آخر وفيه انقطاع أيضًا، وله شاهدان آخران فيهما انقطاع، ولكن بمجموعها يؤيد بعضها بعضا، ويرتقي إلى درجة الحسن لغيره. والله أعلم. =


الصفحة التالية
Icon