وقيل لبزرجمهر (١): أيها الحكيم! ما لك لا تحزن على ما فات (٢) ولا تفرح بما هو آتٍ؟ قال: لأن الفائت لا يتلافى بالعَبْرَةِ، والآتي لا يستدام بالحَبْرةِ (٣) (٤).
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله في هذا المعنى: الدنيا مُفيد ومُبيد فما أباد فلا رجعة له، وأما أفاد فقد أذن بالرحيل (٥).
وقال الحسين بن الفضل: حمد الله المؤمنين بهذِه الآية على مضض الصبر على الفائت وترك الفرح بالآتي والرضا بقضائه تعالى في الحالين جميعًا (٦).
وقال قتيبة بن سعيد: دخلت على بعض أحياء العرب فإذا أنا بفضاء (٧) من الأرض مملوءة من الإبل الموتى والجيف بحيث لا أحصي عددها، فسألت عجوزًا: لمن كانت هذِه الإبل؟ فأشارت إلى شيخ على تلٍّ يغزل الصوف، فقلت له: يا شيخ ألك كانت هذِه الإبل؟ قال: كانت باسمي، قلت: فما أصابها؟ قال: ارتجعها الذي أعطاها، وهي له وأنا له، قلت: فهل قلت في ذلك شيئًا (٨)، قال:

(١) لم أجد ترجمته.
(٢) في الأصل: مات، والتصويب من "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٧/ ٢٥٨.
(٣) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٧/ ٢٥٨.
(٤) الحَبْرَةُ: النَعمةُ التَّامة. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (حبر).
(٥) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٧/ ٢٥٨.
(٦) لم أجد هذا القول.
(٧) في الأصل: نفعا. والتصويب من (م).
(٨) انظر: "زاد المسير" لابن الجوزي ٨/ ١٧٣، الخبر من أوله.


الصفحة التالية
Icon