ومملكته (١).
وقيل: إنما قال ﴿مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾، لأنهم كانوا يعترفون بأنه إله السماء، ويزعمون أن الأصنام آلهة الأرض، وكانوا يدعون الله من جهة السماء، وينتظرون نزول أمره بالرحمة والسطوة منها (٢).
وقال المحققون: معنى قوله: ﴿مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ أي: فوق السماء، كقوله: ﴿فَسِيحُواْ فِى الأَرْضِ﴾ (٣) أي: فوقها (٤)،

= فالمعتمد عنده قراءة عاصم، وقد يخالف ذلك في مواضع قليلة منها هذا الموضع.
(١) انظر: "الوسيط" للواحدي ٤/ ٣٢٩، "وضح البرهان" للنيسابوري ٢/ ٤١٩، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٨/ ٢١٥.
وهذا التفسير لمعنى الآية تقييد لما أطلقه الله تعالى في كتابه ذلك أن علو الله وفوقيته أعم من مجرد علو القدر والقهر، فعلو الله تعالى بمعناه الشامل علو مكان ومكانة كما سيأتي مزيد بيان لذلك قريبا إن شاء الله.
(٢) انظر هذا القول في: "الكشاف" للزمخشري ٦/ ١٧٥، "وضح البرهان" للنيسابوري ٢/ ٤١٩، في "المحرر الوجيز" لابن عطية ٥/ ٣٤١، "تفسير زين الدين الرازي" (ص ٥٢٢)، "البحر المحيط" لأبي حيان ٨/ ٢٩٦.
وهذا القول لا يخفى ما فيه من صرف اللفظ القرآني عن ظاهره، إذ كيف يصف الله تعالى نفسه بما لا يليق به -عند هؤلاء- لمجرد أنه جل وعلا يجاريهم على معتقدهم الباطل.
وهذِه الآية وأمثالها من أدلة أهل السنة والجماعة على إثبات علو الله سبحانه على الحقيقة. ولا يحتاج إلى هذا التأويل إلا من حرف صفة علو الله تعالى على خلقه، وسلبها بعض معانيها ثم أخذ يتكلف لها معان توافق الباطل الذي ذهب إليه.
(٣) التوبة: ٢.
(٤) ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في معنى (في) هنا قولين: =


الصفحة التالية
Icon