فراشي؟ أما رأيت لي حرمةً وحقًّا؟ ما كنت تصنع هذا بامرأة منهن.
فقال رسول الله - ﷺ -: "أليس هي جاريتي، قد أحلّها الله لي؟ اسكتي، فهي علي حرام، ألتمس بذاك رضاك، فلا تخبري بهذا امرأة منهن، وهو عندك أمانة". فلما خرج رسول الله - ﷺ -، قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة، فقالت: ألا أُبشّرُكِ أن رسول الله - ﷺ - قد حرم عليه أمته مارية، فقد أراحنا الله تعالى منها، وأخبرت عائشة بما رأت، وكانتا متصافيتين، متظاهرتين على سائر أزواج النبي - ﷺ -، فغضبت عائشة - رضي الله عنهما -، فلم يزل نبي الله - ﷺ - حتى حلف ألا يقربها، فأنزل الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ (١)

(١) هذا هو القول الثاني في بيان ما حرمه النبي - ﷺ - على نفسه وهو جاريته مارية القبطية - رضي الله عنهما -، وعلى هذا القول عامة المفسرين وممن نقل ذلك عنهم:
الواحدي في "الوسيط" ٤/ ٣١٧، والبغوي في "معالم التنزيل" ٨/ ١٦٢، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٨/ ٣٠٣. وممن جاء عنه ذلك صريحًا جماعة منهم:
١ - عبد الله بن عباس:
رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" ٨/ ١٨٥، والطبري في "جامع البيان" ٢٨/ ١٥٧، والبزار ٣/ ٧٦، والطبراني في "المعجم الكبير" ١١/ ٨٦، ١٢/ ١١٧، والدارقطني في "السنن" ٤/ ٤٢، ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص ٤٦١)، وابن المنذر، وإبن مردويه كما في "الدر المنثور" للسيوطي ٦/ ٣٦٧ من طرق عن ابن عباس به.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ١٢٦: رجال البزار رجال الصحيح غير بشر بن آدم وهو ثقة، وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" ١٤/ ٥٧ عن إسناد الطبراني: فيه نظر. اهـ.
٢ - عبد الله بن عمر: =


الصفحة التالية
Icon