﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ﴾ بساتين (١) ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ جارية (٢)، وذلك أن قوم نوح -عليه السلام- لما كذبوه زمانًا طويلًا حبس الله تعالى عنهم المطر، وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة، فهلكت أموالهم ومواشيهم، فوعدهم الله تعالى إن آمنوا أن يرد عليهم (٣).
وروى الربيع بن صَبيح أن رجلًا أتى الحسن، فشكا إليه الجدوبة، فقال له الحسن: استغفر الله. وأتاه آخر فشكا إليه الفقر، فقال له: استغفر الله. وأتاه آخر فشكا إليه جفاف بساتينه، فقال له: استغفر الله. وأتاه آخر فقال: ادع الله أن يرزقني ابنا. فقال له: استغفر الله. فقلنا له: أتاك رجال يشكون إليك أبوابا، ويسألون أنواعا فأمرتهم كلهم بالاستغفار؟ فقال: ما قلت من ذات نفسي في ذلك شيئا، إنما اعتبرت فيه قول الله تعالى إخبارا عن نبيه نوح -عليه السلام- أنه قال لقومه: ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ (٤).

(١) "جامع البيان" للطبري ٢٩/ ٩٤، "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٢٢٩.
(٢) "تفسير القرآن" للسمعاني ٦/ ٥٦.
(٣) قاله مقاتل. ذكره الواحدي في "الوسيط" ٤/ ٣٥٧، والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣٠٣.
وذكره البغوي في "معالم التنزيل" ٨/ ٢٣٠ بلا نسبة.
وهو قول عامة المفسرين كما في "المحرر الوجيز" لابن عطية ٥/ ٣٧٤، وفي "زاد المسير" لابن الجوزي ٨/ ٣٧٠.
(٤) ذكره ابن عطية في "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٧٤، والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٣٠٣.


الصفحة التالية
Icon