واختلفوا في مدة احتباس الوحي عنه، فقال ابن جريج (١): اثنا عشر يومًا، وقال ابن عباس: خمسة عشر يومًا، وقيل: خمسة وعشرون يومًا، وقال مقاتل: أربعين يومًا (٢).
قالوا: فقال المشركون: إن محمدًا ودّعه ربه وقلاه، ولو كان أمره

= وقد ذُكر هذا القول عن خولة، خادمة النبي - ﷺ -، ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص ٤٨٢)، ورواه الطبراني في "المعجم الكبير" ٢٤/ ٢٤٢، وعزاه ابن حجر في "المطالب العالية" ٤/ ١٨٢ لمسند أبي بكر بن أبي شيبة. وذكره البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة" ٦/ ٣٠١ وقال: هذا إسناد ضعيف.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ١٣٨: رواه الطبراني وأم حفص لم أعرفها.
وقال ابن حجر في "فتح الباري" ٨/ ٧١٠: وجدت الآن في الطبراني بإسناد فيه من لا يعرف أن سبب نزولها وجود جرو كلب تحت سريره - ﷺ - لم يشعر به فأبطأ عنه جبريل لذلك، وقصة إبطاء جبريل بسبب كون الكلب تحت سريره مشهورة، لكن كونها سبب نزول هذِه الآية غريب، بل شاذ مردود بما في "الصحيح" والله أعلم.
قلت: قصة إبطاء جبريل بسبب الكلب التي أشار إليها ابن حجر، رواها مسلم في كتاب اللباس والزينة، باب: تحريم تصوير صورة الحيوان وتحريم اتخاذ ما فيه صورة غير ممتهنة بالفرش ونحوه، وأن الملائكة عليهم السلام لا يدخلون بيتًا فيه صورة، ولا كلب من حديث ميمونة - رضي الله عنها - (٢١٠٥).
(١) في (ج): ابن جرير وهو خطأ.
(٢) انظر هذِه الأقوال في "معالم التنزيل" للبغوي ٨/ ٤٥٣، "زاد المسير" لابن الجوزي ٥/ ٢٤٩، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ٢٠/ ٩٢.
قال ابن حجر في "فتح الباري" ٨/ ٧١٠: وكل هذِه الروايات لا تثبت، والحق أن الفترة المذكورة في سبب نزول سورة ﴿وَالضُّحَى (١)﴾ غير الفترة المذكورة في ابتداء الوحي، فإن تلك دامت أيامًا، وهذِه لم تكن إلا ليلتين أو ثلاثًا، فاختلطتا على بعض الرواة.


الصفحة التالية
Icon