وقال عبد العزيز بن يحيى: معنى هذِه الحروف أنّ الله -عز وجل- ذكرها فقال: اسمعوها مقطعة، حتى إذا وردت عليكم مؤلفة كنتم قد عرفتموها قبل ذلك، (ولذلك تُعلم للصبيان) (١) (أولًا مقطعة) (٢)، فكأن الله -عز وجل- أسمعهم إياها مقطعة مفردةً ليعرفوها إذا وردت عليهم مؤلفة (٣) (٤).
وقال أبو روق: إنّها تسكيت للكفار، وذلك أن رسول الله - ﷺ - كان يجهر بالقراءة في الصلوات كلها، وكان المشركون يقولون: ﴿لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ (٥) وربّما صفّقُوا، وربّما صفَّروا، وربّما لغطوا، ليغلطوا النبي - ﷺ -، فلمّا رأى ذلك رسول الله - ﷺ - أسرّ (في الظهر) (٦) والعصر، وجهر في سائرها، فكانوا أيضًا يأتونه ويؤذونه؟ فأنزل الله -عز وجل- هذِه الحروف المقطعة، فلما سمعوا (٧) بقوا متحيرين متفكرين، فاشتغلوا بذلك عن إيذائه وتغليطه، فكان ذلك سبيلًا (٨) لاستماعهم وطريقًا إلى انتفاعهم (٩).

(١) في النسخ الأخرى: وكذلك يعلم الصبيان.
(٢) في (ش)، (ت): مقطعةً أولًا.
(٣) في (ج) زيادة: ثم أسمعهم مؤلفة.
(٤) "مفاتيح الغيب" للرازي ٢/ ٦.
(٥) سورة فصلت: (٢٦).
(٦) في (ت): بالظهر.
(٧) فيما سوى (س): سمعوها.
(٨) في (ج)، (ت): سببًا.
(٩) "مفاتيح الغيب" للرازي ٢/ ٦، وذكر نحوه القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١/ ١٣٤.


الصفحة التالية
Icon