وهذِه الحروف تذكّر على اللفظ، وتؤنّث على توهم الكلمة (١).
قال كعب الأحبار: خلق الله تعالى القلم من نور أخضر، ثم أنطقه بثمانية وعشرين حرفًا هنّ أصل الكلام، وهيأها بالصوت الذي يسمع وينطق به، فنطق بها القلم، فكان أول ذلك كله نقطة، فنظرت إلى نفسها فتصاغرت وتواضعت لربها، وتمايلت هيبة له فسجدت (٢) فصارت همزة، فلما رأى الله -عز وجل- تواضعها، مدها وطولها (٣) وفصلها (٤)، فصارت ألفًا، فتلفظ بها، ثم جعل (٥) القلم ينطق (٦) بحرف حرف، إلى ثمانية وعشرين حرفًا، فجعلها مدار الكلام والكتب والأصوات واللغات (٧) والعبارات كلها إلى يوم القيامة، وجمعها كلها في (أبجد)، وجعل الألف لتواضعها مفتاح أول أسمائه، ومقدمًا على الحروف كلها (٨).
فأما قوله -عز وجل-: ﴿الم (١)﴾:
فاختلف العلماء في تفسيرها:

(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٦٠، "البسيط" للواحدي ٢/ ٣٨٠، "المخصص" لابن سيد ١٧/ ٤٩.
(٢) بعدها في (ت): سجدتها.
(٣) بعدها في (ت): وجلل لها
(٤) في (ش)، (ج)، (ت): وفضلها.
(٥) في (ت): وجعل. وفي (س): تجعل.
(٦) في (ش)، (ف): ينطلق.
(٧) ساقطة من (ف).
(٨) لم أقف عليه، والصَّنعة الإسرائيلية ظاهرة على قول كعبٍ هذا.


الصفحة التالية
Icon