في أمرك، وكنت أعلم بالحبشة وأسوس لها، وقد كنت أردته على أن يعتزل، وأكون أنا أسوسه فأبى فقتلته، وقد بلغني الذي حلف عليه الملك، وقد حلقت رأسي فبعثت به إليه، وبعثت إليه بجراب من تراب أرضي ليضعه تحت قدمه ويبرَّ بيمينه، فلما انتهى إليه ذلك رضي عنه، فأقره على عمله، وكتب إليه أن يثبت بمن معه من الجند، ثم إن أبرهة بنى كنيسة بصنعاء (لم يُبْنَ لملك مثلها قط) (١)، يقال لها: القُليَّس (٢)، وكتب إلى النجاشي: قد بنيت لك بصنعاء كنيسة لم يبن لملك مثلها قط، ولست منتهيًا حتى أصرف إليها حج العرب، فسمع (٣) بذلك رجل من بني مالك بن كنانة فخرج إلى القُليَّس فدخلها ليلًا فقعد فيها (٤)، فبلغ أبرهة ذلك، ويقال: إنه أتاها ناظرًا إليها فدخلها أبرهة فوجد تلك العذرة، فقال: من اجترئ عليّ. فقيل: صنع ذلك رجل من العرب من أهل ذلك البيت، سمع بالذي قلت وصنع هذا (٥)، فحلف أبرهة عند ذلك ليسيرنَّ إلى الكعبة فيهدمها، فخرج سائرًا في الحبشة، وخرج معه بالفيل،

(١) في (ج): وأقوى عليهم وأسوس منه وأضبط لها.
(٢) القليَّس بالتشديد: بيعة للحبش كانت بصنعاء، بناها أبرهة وهدمتها حمير.
انظر: "لسان العرب" لابن منظور ٦/ ١٨٠.
(٣) في (ج): فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة إلى النجاشي، فسمع بذلك رجل من النساءة، أحد بني فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة.
(٤) في (ج): يعني أحدث فيها. وهو من تفسير ابن هشام في "السيرة النبوية" ١/ ٣١.
(٥) في (ج): أي أنها ليست بذلك أهل.


الصفحة التالية
Icon