بها عمير حتَّى أدركه بها (١) بجدة، وهو يريد أن يركب البحر، فقال: يا صفوان فداك أبي وأمي أذكرك الله في نفسك أن تهلكها؛ فهذا أمان (٢) رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد جئتك به. فقال له: ويلك أغرب عني ولا تكلمني. فقال: يا صفوان فداك أبي وأمي أفضل الناس (وأبر الناس) (٣) وأحلم الناس، وخير الناس ابن عمتك (٤)، عزه عزك، وشرفه شرفك، وملكه ملكك. قال: إني أخافه على نفسي. قال: هو أحلم من ذلك وأكرم، فرجع به معه حتَّى قدم به على رسول الله - ﷺ -، فقال صفوان: هذا زعم أنك أمنتني. قال رسول الله - ﷺ -: "صدق". قال: فاجعلني في أمري بالخيار شهرين. قال: "أنت فيه بالخيار أربعة أشهر" (٥).
قالوا: ولما دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة هرب هبيرة بن أبي وهب المخزومي وعبد الله بن الزبعري السهمي إلى نجران، فرمى عبد الله ابن الزبعري حسَّانُ بن ثابت وهو بنجران ببيت واحد ما زاد عليه:

لا تَعْدَمنْ رجُلًا أحلَّك بُغْضُه نجرانَ في عَيْشٍ أحَذَّ لئيم (٦)
(١) ساقطة من (ب)، (ج).
(٢) في (ج): من.
(٣) من (ب)، (ج).
(٤) في (ج): ابن عمك.
(٥) رواه ابن إسحاق عن عروة بن الزبير مرسلًا، كما في "السيرة النبوية" لابن هشام ٢/ ٨٦٦، وفي "البداية والنهاية" لابن كثير ٤/ ٣٠٨ موصولًا: قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة به.
(٦) أحذ: أي أقطع. =


الصفحة التالية
Icon