واستقامة أحوالهم عند موارد البلاء عليهم. وقال المرتعش (١): غَيْرَتُهُم على فقرهم، وملازمتهم إياه. وقال أبو عثمان: إيثار ما يملكون مع الحاجة إليه (٢). وقال بعضهم: بطيب قلوبهم، وبشاشة وجوههم، وحسن حالهم ونور أسرارهم، وجَوَلان أرواحهم في ملكوت ربهم.
قوله (٣): ﴿لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ قال عطاء: يقول: إذا كان عنده غداء لا يسأل عشاءً، وإذا كان عنده عشاء لا (٤) يسأل غداءً (٥).
وقال أهل المعاني: (معنى الآية) (٦) لا يسألون الناس إلحافًا، ولا غير إلحافٍ؛ لأنه قال ﴿مِنَ التَّعَفُّفِ﴾، والتعفف (٧) ترك السؤال

(١) عبد الله بن محمد المرتعش أبو محمد الحيري النيسابوري، الزاهد، الولي، صحب أبا عثمان الحيري والجنيد وسكن بغداد، وكان يقال: عجائب بغداد في التصوف ثلاث: إحداها: نكت أبي محمد المرتعش. توفي سنة (٣٢٨ هـ).
"طبقات الصوفية" للسلمي (ص ٣٤٩)، "حلية الأولياء" لأبي نعيم ١٠/ ٣٥٥، "تاريخ بغداد" للخطيب ٧/ ٢٢١، "سير أعلام النبلاء" للذهبي ١٥/ ٢٣٠.
(٢) الأقوال الثلاثة ذكرها السلمي في "حقائق التفسير" (٢٣ ب)، وأبو حيان في "البحر المحيط" ٢/ ٣٤٣.
(٣) ساقطة من (ح)، (أ).
(٤) في (ح) في الموضعين: لم.
(٥) ذكره البغوي في "معالم التنزيل" ١/ ٣٣٨، وذكره الواحدي في "البسيط" ١/ ١٦٣ ب، عن ابن عباس من رواية عطاء.
(٦) ساقطة من (ح).
(٧) ساقطة من (ش).


الصفحة التالية
Icon