وعند تفسيره الجوع والخوف من الآية: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ﴾ قال في الصفحة ٤٠٠:
(ففي الآية سر عجيب، يظهر هذا السر في كل زمان، ولا سيما في زماننا، فإن الأمة الإسلامية لا زالت تتخلف عن الجهاد، وعن إعداد العدة له، فلم تسابق أعداءها في الفنون الحربية، وفي المخترعات التي اخترعوها لهلاكها، حتى كثر غزو الأعداء لها في عقر دارها، فأخذوا ينقصون أرضها من أطرافها، تارة بالحيل والدسائس، وإثارة الفتن، وتفريق الكلمة؛ وتارة بالتهويل والإرهاب، وتارة بالحرب في عقر الديار، حتى أمسى معظم بلاد المسلمين في أيدي الأعداء، والمسلمون معانقون للبله، مخلدون للسكون كالأرقاء، فطمع العدو بهم، ونظر إليهم نظر الاحتقار، وتألب بأجمعه على كيدهم، حتى غزاهم في عقر دارهم في البقية الباقية لهم من البلاد.
وفي أثناء كتابتي لهذه الأسطر، وقبلها بثلاث سنين (١)، اشتعلت نيران الحرب من أقصى المغرب إلى أقصى المشرق، ومن الجنوب إلى الشمال، وما ذلك إلا للقضاء على البقية الباقية من البلاد بأيدي المسلمين، فابتلوا بـ ﴿الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ﴾، فلم يكن لهم ملجأ إلا الصبر على الجهاد، نسأله تعالى حسن العاقبة).
* * *
وقد استدل على وجوب الاجتهاد في موضع لا يظن أنه محل ذلك، فقال في الصفحة ٣٨٤:
(وقد ذكر كثير من المفسرين هنا أحكام استقبال القبلة، وخلاف الأئمة في ذلك، وإيراد الأدلة ونقضها، مما محله كتب الفروع والخلاف؛ وإننا لا نتعرض في كتابنا لهذا، ولكننا نذكر الأحكام المستنبطة من الآيات خاصة.
وحيث كان الأمر كذلك نقول: