وتفسير بدران هذا جاء مطالع القرن الهجري الماضي، بعد أن بلغت الطباعة اتساعًا في طبع الكثير من التفاسير. فتنبه إلى ما في أكثرها من سقطات أحدثت حرجًا عند عامة الناس. بعد أن كانت (وهي مخطوطة) لا يكاد يطلع عليها إلا أهل العلم، وخاصة الخاصة.
فقام بجمع تفسيره ملاحظًا فيه أمورًا أهمها:
الأول: تصحيح ما وجده في التفاسير المتداولة، سواء منها التفسير بالمأثور، أو التفسير بالرأي، بشكل لطيف أصاب فيه الكثير من مواطن الإشكالات، وصحح الكثير أيضًا من مواطن التجاوزات.
الثاني: رفع ما كان معتقدًا عند العامة مما يشبه العصمة عن بعض التفاسير التي تداخل فيها التأويل الصوفي، والمتناقل عن مصادر التشييع، والتوسع في الإسرائيليات، وما تناقله المفسرون عن بعضهم بعضًا مع المنقول عن سلفنا الصالح من الصحابة الكرام، والتابعين الملتزمين بالنقل الصحيح المعتمد ما أمكنهم ذلك.
الثالث: المزج بين العلوم الكونية (حيث وصلت إليه في عصره) مع ما أشار إليه القرآن الكريم.. من غير إلزام بما فهمه بعض المفسرين المتأخرين من الذين انبهروا بما سمعوا من علوم تأثروا بها بعدما سمي- بقيام- النهضة الحديثة، واختراع الآلة البخارية، واستخدام الكهرباء، وما إليها من كشوفات حديثة- والتي ما زالت تتجدد.
فكان الشيخ بدران وسطًا بين الأبعاد المختلفة، من غير الغلو في حشو المعلومات العلمية وشبه العلمية، مكتفيًا بشروح مبسطة.
ومنهج المؤلف هذا هو الأقرب إلى ما كان عليه علماء السلف، ومن تبعهم من أهل العلم المحققين- مثل شيخ الإسلام ابن تيمية. الذي فسر الكثير من آيات القرآن الكريم، وبعض سوره، وحل ما وصل إليه من مواضع أشكلت على الناس، وبعضها مما هو موجود في التفاسير المتداولة في عصره، ولكنه لم يكتب تفسيرًا كاملًا مع ما بلغه من العلم الواسع. وذلك من ابن تيمية مبني على أن القرآن الكريم يحتاج إلى تفسيرات دائمة لتسد حاجات الخلق في كل زمان.