الناس، يعني: أصحاب الحديث، فلا أدري مَنْ من الناس. انتهى.
وأنت إذا نصرت الحق، علمت أن هؤلاء الأبدال حقيقة، لا كما يقوله المبطلون، من أن الأبدال هم الذين يتصرفون في الكون أحياء وأمواتًا، وأن لهم رئيسًا يقال له: القطب، وأنهم يجتمعون كل سنة في غار حراء أو غيره، فيكون القطب في الصدر، وقدامه الأوتاد، ووراءه الأبدال والنجباء، وتأتي الأموات لذلك الديوان، ثم إن القطب يتلقى الأمر مباشرة عن الله تعالى، ثم يلقيه إلى الأوتاد، فتلقيه الأوتاد إلى الأبدال، ثم يصدعون بما أمروا به، فهم يديرون رحى الكون، ويبصرون ما كان وما سيكون، ويرون كل شيء في مشارق الأرض ومغاربها، حتى إنهم يعلمون بزعمهم ما تخفي الصدور، وما تضمره الأنفس، وليت شعري، أي عاقل يتجاسر على أن يجعل القطب، أعلى مقامًا من النبي - ﷺ -، ثم لا يكتفي بذلك، حتى يجعل أولئك القوم الذين لا وجود لهم متصفين بهذه الصفات، إلا في مخيلة هذا المبطل، شركاء لله تعالى في الألوهية.
ثم هو يعترض على النصارى بالتثليث، فكأن لسان حاله يقول: لا يجوز أن يكون الله ثالث ثلاثة فقط، بل هو على زعمه ثاني اثنين، وخامس أربعة الذين هم الأوتاد، والواحد بعد الأربعين الذين هم الأبدال، والواحد بعد الستين والثلاثمئة الذين هم الأنجاب، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، وأيضًا فقد أخبر القرآن أن سيدنا محمدًا رسول الله - ﷺ - هو خاتم النبيين، وأن الوحي انقطع من بعده، وهؤلاء يقولون: إن القطب يوحى إليه مباشرة، ومشافهة عن الله تعالى، وأنه ثاني اثنين لواجب الوجود، وأن قومه شركاء مع الله تعالى، فاليهود والنصارى أسعد حالًا من هؤلاء، فأي فرق بين قولهم هذا وبين قول اليهود: إن كاتبهم ينطق بما عنده مهما رأى ذلك بالروح الإلهي، وبين قول النصارى: إن عيسى هو الكلمة، وأنها لم تنقطع بعد صعوده إلى السماء، بل هي باقية مستمرة تؤخذ بواسطة الروح القدس، وإن أفعال بولس وجماعته وأقوالهم، هي جزء من إعلان الله بالمسيح، وهؤلاء جعلوا مقالتهم هذه تمهيدأ لمعتقدات اليهود والنصارى، فوصفوا القطب بما وصفت النصارى به عيسى، ووصفوا قومه بما وصفت به اليهود أحبارهم، وبما وصفت به النصارى بولس وجماعته، وزادوا عليهم بالتمهيد لمذهب عبادة الأوثان، وإذا طالبتهم بالدليل قالوا: