#ـه إلاهنا المولى العظيم الجاه
@والآل والأصحاب فضله
#فينا قديم ليس بالمتناهي
الخطيب
﴿هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب﴾.
﴿إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرًا كبيرًا﴾.
﴿كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب﴾.
﴿تنزيل من رب العالمين﴾.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي خلق الإنسان كامل الحرية، ومنَّ عليه بنعمة العقل أعظم سجية، وأرسل الرسل وأنزل الكتب لهدايته إلى سبيل الخير والشر، والنفع والضر. سبحانه وتعالى من إله لا يؤاخذ الناس إلا بما يعملون ويثيبهم من فضله ورحمته بأكثر مما يستحقون، والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه، وقدوة محبيه وأتقيائه، محمد بن عبد الله الذي أكمل بشريعته سائر الأديان، وأتم بها نعمه على بني الإنسان، وعلى آله وصحبه مصابيح الهدى والعرفان.
أما بعد، فقد أنزل الله القرآن بلاغًا من لدنه للناس أجمعين، وأمرهم بالإصغاء إليه وتدبر معانيه في كل وقت وحين، ليهتدوا بهديه، ويستنيروا بوحيه، ويتعلموا منه سنن الكائنات، ووسائل الخيرات، وما ينفعهم في الحياة وبعد الممات. وليأخذوا لأنفسهم من قصص الأولين خير العظات، ومن أمر الحساب والعقاب رادعًا عن فعل السيئات، ولقد تلقاه السلف الصالح عن الرسول بهذا الاعتبار، فملأ خوف الله قلوبهم بالليل والنهار، وأدركوا معانيه ومراميه، وعملوا بأوامره ونواهيه، أجل لقد أدرك السلف الصالح رضي الله عنهم المعنى المراد من قوله تعالى: ﴿هذا بلاغ للناس﴾ فكان هدفهم الأول دراسة هذا البلاغ، وما تشتمل عليه كل كلمة فيه من مقاصد، وما توحي به من حكم وفوائد حرصوا على اجتنائها، والعمل بمقتضاها، فحققوا الغاية التي نزل القرآن من أجلها، ودونوا أحكام شريعتهم على أساسها، وطبقوا ذلك فيما بينهم فسمت نفوسهم، وعلا شأنهم، وبسطوا سلطة القرآن في معظم البلدان، وأخضعوا لأوامره كل ذي جنان، وكان
@ وأقيس ما يأتي على ما قد مضى
# وأظل مغتبطًا بعيش زاه
@ أفلا تجيب مطالبي يا من يجيـ
# ـب السائلين وأنت مصدر جاهي
@ حاشا فجودك لا يحد وإنني
# "عبد" وإنك يا "حميد " إلاهي
@ فامنن وجد لي بالقبول وبالرضا
# واجعل شفيعي ذا الجمال الباهي
@ فخر الوجود محمدًا صلى الله عليـ
# ـه إلاهنا المولى العظيم الجاه
@ والآل والأصحاب يا من فضله
# فينا قديم ليس بالمتناهي
الخطيب
#ب السائلين وأنت مصدر جاهي
@حاشا فجودك لا يحدّ وإنني
# «عبد» وإنك يا «حميد» إلاهي
@فامنن وجُد لي بالقبول وبالرضى
#واجعل شفيعي ذا الجمال الباهي
@فخر الوجود محمدًا صلى عليـ
#ـه إلاهنا المولى العظيم الجاه
@والآل والأصحاب يا من فضله
#فينا قديم ليس بالمتناهي
الخطيب
هذا
وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (٢٠) إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢١) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (٢٢) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ (٢٣) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (٢٤) فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (٢٥) قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٢٧) لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (٢٨) قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٩) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ (٣٠) قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (٣٢) إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤) إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٥) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٣٦) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ إنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
وإصلاح حال المجتمع بتبادل الألفة وبناء صرح الأسرة على أساس الود والرحمة والتعاون على تربية البنين وسعادة الأمة.
ولما كان المهر الذي يدفع أو الأموال التي تنفق في الزواج إنما يراد بها مجرد الإحصان فلا ينبغي أن تتعداه إلى استحلال أموال الزوجة والاستمتاع بما تملكه من متاع وأثاث قال تعالى: ﴿فما استمتعتم به منهن﴾ جرى المفسرون على أن (ما) بمعنى (من) وأن المراد بالاستمتاع الوطئ هو المراد بالأجور المهور وقد سبق ذكرها من قبل والذي يبدو لي أن (ما) تدل على غير العاقل وأن المراد بالاستمتاع هنا الانتفاع بأمتعهن وأموالهن دون أجسامهن فذلك حق ينال بمجرد العقد والرجل مكلف بأن يمتعهن لا أن يستمتع هو بمالهن ولولا ذلك لقال فإذا استمتعتم بهن. والمهر أسمى من أن يكون أجرًا على الاستمتاع بالجسم بل هو بمثابة عربون لما تعهد به الزوج لزوجته من النفقات ولهذا يرد نصفه في حال فسخ العقد قبل الدخول ولا يرد شيء منه بعد الدخول ﴿فآتوهن أجورهن﴾ على جهازهن كما لو كان ملكًا لغيرهن من الناس ﴿فريضة﴾ أي حسب ما فيفرض له ويقدر ﴿ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة﴾ من تأجيل دفع تلك الأجور أو تنازل المرأة عنها وتمليكها للرجل فكل ذلك حق من حقوقها التي تملك وحدها التصرف فيه ﴿إن الله كان عليمًا﴾ بما قد تخفى الصدور من زواج المرأة بقصد الاستيلاء على أموالها بغير حق.
﴿حكيمًا﴾ إذا بين ما يحل للرجل من المرأة في مقابل المهر من جسم المرأة بقصد الإحصان دون أمتعتها بقصد الاستغلال ﴿ومن لم يستطع منكم طولًا﴾ أي: من لم يكن ذا مال يمكنه من ﴿أن ينكح المحصنات المؤمنات﴾ أي: من الحرائر اللاتي أحصن
بعد أن بين الله تعالى ما ينافي الإيمان الحق من التذبذب والتملق والذل لغير من خلق ونهى المؤمنين من اتخاذ الكفار أولياء من دون المؤمنين وعرض بالمنافقين وعذابهم استطرد إلى ذكر بعض أمور ليست من النفاق في شيء بل منها ما هو من صميم الصراحة التي جاء بها الدين ولكن الله لا يرضى بها لما فيه من أضرار اجتماعية ومنها ما هو ضد الصراحة ويقصد منه المغالطة في المسائل الاعتقادية لما يراد به من تكذيب الأخبار السماوية وقد أشار سبحانه وتعالى إلى ما لا يرضاه من الصراحة التي تسبب أضرارًا اجتماعية بقوله: (لَا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ) ولو كان الأمر الذي يجهر به حقا لا مرية فيه (مِنَ الْقَوْلِ) كذكر عيوب الناس ومساويهم لأن هذا من شأنه يولد العداوة والبغضاء في النفوس ويؤدي إلى التقاطع وهضم الحقوق وسفك الدماء. وأقل ما في الأمر أنه إذا علم الناس بسيئات بعضهم دون أن يعلموا ما حل بهم أو ماذا كان جزاؤهم ربما راق ذلك في نظر العوام وحبب إليهم تقليدهم فيها فتشيع الفاحشة وتعظم البلوى (إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) أي إلا المظلوم في أمر كان له أن يشكو أمره لمن ينتصر له وأن لا يسكت على ظلمه ويجهر بما أصابه ولا يزيد فيه شيئا بقصد إيغار الصدور والتأثير على سامعيه (وكان الله سميعا) بما يجهرون به من القول (عليما) بحقائق الأمور فإنه يؤاخذ من جهر بالحق بقصد التشهير بالناس ويثيب من جهر به بنية رفع الحيف أو رد المظالم وهو سبحانه إذ أعلن عدم حبه للجهر بالسوء من القول بغير عذر الظلم أردف ذلك بحكم إبداء الخير وإخفائه فقال (إن تبدوا خيرا) سواء كان قولا أو عملا (أو تخفوه) بعدم إذاعته (أو تعفوا عن سوء) أصابكم بالتجاوز عن ذكره وطلب مجازاة المسيء على ما اقترف في حقكم (فإن الله كان عفوا) يجزي الناس من جنس أعمالهم فيعفو عن العافين عن سيئات من أساء إليهم (قديرا) على أن يجزل الثواب على أعمال الخير سواء أبداها الإنسان أم أخفاها وقد أشار سبحانه وتعالى إلى ما لا يرضاه من عدم الصراحة
<٤>
في المسائل الاعتقادية بقوله: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِه) ولكنهم لا يصرحون بهذا (يُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ) لتضليل الناس إذ يقولون إنا نؤمن بالله ولكنا لا نصدق برسالة الرسل (وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) كقول اليهود: إنا لا نؤمن إلا بموسى وقول النصارى إنا لا
# ـه إلاهنا المولى العظيم الجاه
@ والآل والأصحاب فضله
# فينا قديم ليس بالمتناهي
الخطيب
لقد عرّف الله الناس في الآيات السابقة بذاته العلية وأمر رسوله أن يشعرهم بما منحه لهم من كامل الحرية وأن يدعوهم إلى الله في حدود تبليغ ما أوحى به إليه والإعراض عمن أبى من المشركين وأفهمه أن شركهم لم يكن إلا نتيجة للحرية التي منحها سبحانه لهم ونهى عن التعرض للعقائد الباطلة والداعين إليها بالطعن والسباب لأن ذلك من شأنه أن يثير روح الغيرة والحمية في النفوس وينحرف بالدعوة عن مقاصدها إلى التطاحن الشخصي نتيجة لسنن الله في الخلق وما فطر عليه الناس من طبائع متأصلة فيهم كالعناد وتقليد الآباء وعدم الإذعان للحق مما يؤدي إلى الكفر بحسب دستور الله أو أحكامه القدرية ثم أخذ سبحانه وتعالى منا يوضح حقيقة أخرى هي أن تلك الأحكام القدرية لا تكتسب القطعية والنفاذ إلا بعد تصديقها والموافقة عليها منه جل وعلا بمعنى أن مزاولة الأسباب الظاهرة لا تقتضي الوصول إلى الغاية إلا بإذن الله إذا أراد نفذ سننه وأمضى قدره وقال للشيء كن فيكون وإلا غلبت رحمته عدله فحالت دون نفاذ مقتضى قدره فله الأمر من قبل ومن بعد وله الخيار الكامل في استعمال ما يريد من عدل أو رحمة كلاهما من فضله فلا ينبغي أن يقال أو يظن أنه يكفي لحصول الإيمان في القلوب أن يشهد الناس بأعينهم خوارق العادات كما زعموا ﴿وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها﴾ بل لا بد من إذن الله بقبولهم في زمرة المؤمنين فقال ﴿لو أنزلنا إليهم الملائكة﴾ ورأوها بأعينهم وسمعوا بشهادتها لك بالرسالة ﴿وكلمهم الموتى﴾ الذين لا ينطقون عادة وقرروا أمامهم أنك رسول الله إليهم ﴿وحشرنا عليهم كل شيء﴾ من أنواع المخلوقات ﴿قبلًا﴾ بضم القاف والباء وقرئ بكسر القاف وفتح الباء جمع سبيل ويراد به الكفيل أي جمعنا كل ذلك وجعلناه مقابلًا لهم أو كافلًا لإثبات رسالتك وإقناعهم بالإيمان بما جئت به ﴿ما كانوا ليؤمنوا﴾ بالله كما زعموا ﴿إلا أن يشاء الله﴾ أي إلا أن يأذن الله لهم بالدخول في الإيمان بناء على ما يعلمه تعالى من حقيقة أمرهم ومبلغ رغبتهم في اعتناقه وتطبيقهم لدستوره الذي يقضي بأنه لا بد لمن أراد الإيمان أن يعمل لطلبه حيث إن الله تبارك وتعالى قد فوض هذا الأمر إلى ما يشاء الإنسان لنفسه من كفر وإيمان يترتب عليه العقاب والجزاء حيث قال ﴿وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر﴾. ﴿ولكن أكثرهم﴾ أي أكثر الناس ﴿يجهلون﴾ هذه الحقيقة فيزعم بعضهم أن وجود الدلائل كاف لقناعة الوجدان، وأن العقل وحده يهدي للإيمان، من غير دخل لرضاء الله واتباع لسنته في نيل الغفران، ولم يدرك الآخرون معنى المشيئة وخلطوا بينها وبين الإرادة وتجاهلوا ما قضت به مشيئة الله من
#ـه إلاهنا المولى العظيم الجاه
@والآل والأصحاب فضله
#فينا قديم ليس بالمتناهي
الخطيب
#ـه إلاهنا المولى العظيم الجاه
@والآل والأصحاب فضله
#فينا قديم ليس بالمتناهي
الخطيب
#ـه إلاهنا المولى العظيم الجاه
@والآل والأصحاب فضله
#فينا قديم ليس بالمتناهي
الخطيب
#ـه إلاهنا المولى العظيم الجاه
@والآل والأصحاب فضله
#فينا قديم ليس بالمتناهي
الخطيب
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
مطبعة دار الفكر
١٣٨٠ - ١٩٦١
سورة يوسف
{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (١) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (٣) إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (٤) قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (٥) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦) لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ (٧) إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (٨) اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ (٩) قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (١٠) قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (١١) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (١٢) قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (١٣) قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَّخَاسِرُونَ (١٤) فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ (١٥) وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (١٦) قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (١٧) وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (١٨) وَجَاءتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (١٩) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠) وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (٢١) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٢٢) وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢٣) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (٢٤) وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا
#ـه إلاهنا المولى العظيم الجاه
@والآل والأصحاب فضله
#فينا قديم ليس بالمتناهي
الخطيب
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
مطبعة دار الفكر
١٣٨١ - ١٩٦١
#ـه إلاهنا المولى العظيم الجاه
@والآل والأصحاب فضله
#فينا قديم ليس بالمتناهي
الخطيب
#ـه إلاهنا المولى العظيم الجاه
@والآل والأصحاب فضله
#فينا قديم ليس بالمتناهي
الخطيب
﴿هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب﴾.
﴿إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرًا كبيرًا﴾.
﴿كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب﴾.
﴿تنزيل من رب العالمين﴾.
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على خير من اصطفى سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين أما بعد فمن واجب كل من سمع بهذا البلاغ الموجه من رب العزة لسائر العباد أن يصغي إليه ويتدبر معانيه، ويعمل بما توحي به آياته ومعانيه ومراميه، وقد وفقني الله جل شأنه لشرح ألفاظه، وتبيين أسراره، على ضوء هديه، وتعاليم نبيه، وخاتم رسله ﷺ وأني على يقين تام بأنه سيجد كل قارئ لهذا البلاغ المبين، والكنز الدفين، حلًّا لكل مشكلة يعانيها في هذه الحياة بل إني أقسم غير حانث بأنه ما من مؤمن جعل الله رائده والقرآن هاديه إلا شعر بلذة الطمأنينة في نفسه والتوفيق في سائر أعماله ونال حقيقة السعادة في الدنيا والآخرة، نسألك اللهم الهداية، وتجنب الغواية، وحسن القبول وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
عبد الحميد الخطيب
#ـه إلاهنا المولى العظيم الجاه
@والآل والأصحاب فضله
#فينا قديم ليس بالمتناهي
الخطيب
﴿هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب﴾.
﴿إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرًا كبيرًا﴾.
﴿كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب﴾.
﴿تنزيل من رب العالمين﴾.
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على خير من اصطفى سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين أما بعد فمن واجب كل من سمع بهذا البلاغ الموجه من رب العزة لسائر العباد أن يصغي إليه ويتدبر معانيه، ويعمل بما توحي به آياته ومعانيه ومراميه، وقد وفقني الله جل شأنه لشرح ألفاظه، وتبيين أسراره، على ضوء هديه، وتعاليم نبيه، وخاتم رسله ﷺ وأني على يقين تام بأنه سيجد كل قارئ لهذا البلاغ المبين، والكنز الدفين، حلًّا لكل مشكلة يعانيها في هذه الحياة بل إني أقسم غير حانث بأنه ما من مؤمن جعل الله رائده والقرآن هاديه إلا شعر بلذة الطمأنينة في نفسه والتوفيق في سائر أعماله ونال حقيقة السعادة في الدنيا والآخرة، نسألك اللهم الهداية، وتجنب الغواية، وحسن القبول وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
عبد الحميد الخطيب
سورة الملك
{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (٤) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (٥) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (٧) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى
جانب هذا يكاد يكون لغزًا من الألغاز في شكله ومعناه، حتى إن كثيرًا من المسلمين لا يستطيعون تلاوته من غير طريق شيخ من القراء إذ هو في رسمه لا يكتب إلا برسم المصحف العثماني وهو مغاير لقواعد الرسم المتعارفة بين الناس التلفظ ببعض كلماته ولا بأسلوبه العربي المبين.
وأنتم بهذا تحولون بين القرآن والناس كأنكم لا تريدون أن يهتدي به أحد غير المسلمين أو كأنكم تقصدون أن يستأثر به الخاصة من العلماء ليس إلا، والله سبحانه وتعالى لم ينزل القرآن إلا للناس كافة بل ربما كان العامة من الناس هم المقصودون بالهداية، أضف إلى هذا أن التفاسير المتداولة بين الناس متمشية على طريقة القدماء الأولين وعلى أنواع مختلفة الأوضاع والأساليب فمنها المختصر الذي لا يفيد ومنها المطول الملل الذي جمع كل شيء إلا التفسير وجلها لا تتلاءم مع عصرنا هذا (عصر السرعة والاختراع) وأن عصرنا المتحضر ليتطلب روحًا حديثة وعبارات تتناسب مع الزمن وأهله وتتفق مع مستوى الجيل الجديد وعصره المتحضر، أما الأسلوب القديم فإنه وضع لعصر غير عصرنا وزمن غير زمننا، ولماذا لا تكتبون القرآن حسب ما تقتضيه قواعد الرسم وطريقة الكتابة الحديثة لينتفع به المسلمون وغيرهم وليفهموا كلام الله وأسراره، لكي تتجلى لهم معجزاته؟ أليس في العلماء من يفسر لنا كلمات القرآن ومفرداته اللغوية وشرحها شرحًا وافيًا على حقيقة ماهيتها بحسب ما يفهمه العربي الصميم عند سماعه لآي الذكر الحكيم ويرشدنا إلى أسباب الخلاف في الأحكام الدينية باختلاف المذاهب ما دام المرجع والأصل للجميع واحدًا وهو القرآن.
لكل هذا أخذتني الغيرة الدينية على الإسلام والمسلمين وفكرت طويلًا في وضع تفسير جامع سميته تفسير الخطيب المكي ضمنته معاني الكلمات اللغوية وتبسيط الآيات وشرحها مع ذكر المغزى والحكم المستنبط منها والقراءات التي تليت بها وطبعت منه أربعة أجزاء فسر به كثير من الناس واقترحوا عليّ أن أقتصر على مجرد الشرح لجميع آيات القرآن في مجلد واحد ليسهل على القارئ إدراك المعنى المراد فعملت بذلك وسألت الله أن يلهمني فهم المراد من آيات القرآن والسر في وضعها في هذا الترتيب التوقيفي المنقول إلينا بالتواتر مع أنه أنزل أولًا متفرقًا في فترات حسب الوقائع.


الصفحة التالية
Icon