********************************** يوجد سقط في pdf ص٥٨، ٥٩
﴿...... بما وراءه﴾ وإن لم يصرحوا بهذا مغالطة ومداهنة، وهم يعلمون بصحة رسالة هذا النبي الكريم، وأن دينه هو الدين الصحيح ﴿وهو الحق﴾ لأنه جاء ﴿مصدقًا لما معهم﴾ من الكتاب الذي يزعمون التمسك به. وقد أمر الله نبيه أن يعرض عن مواربتهم هذه، ويناقشهم فيما يدعون حيث قال: ﴿قل﴾ يا محمد إذن ﴿فلم﴾ كنتم ﴿تقتلون أنبياء الله﴾ الذين تدعون التمسك بما جاؤوا به ﴿من قبل﴾ في عهد رسالتهم ﴿إن كنتم﴾ حقًّا ﴿مؤمنين﴾ صادقين فيما تزعمون.
وفي هذا تحذير من المواربة والمغالطة في القول، فإنها لا تقبل عند ذوي البصائر النيرة، ولا تغني من الحق شيئًا.
«الطبع الخامس» من طبائع بني إسرائيل: العناد وهو الذي لاح في موقفهم حيال موسى عليه السلام، برغم ما جاءهم به من البينات، ولذلك أتى به الله في أسلوب مخاطبة بني إسرائيل حيث قال ﴿ولقد جاءكم موسى﴾ من قبل ﴿بالبينات﴾ التي تثبت لكم رسالته من ربه الذي أخبركم أنه ذاهب لمناجاته، فأبى عليكم عنادكم إلا أن تتناسوا تلك البينات، وما كاد يبتعد عنكم حتى رجعتم إلى إصراركم ﴿ثم اتخذتم العجل من بعده﴾ إلهًا تعبدونه من دون الله ﴿وأنتم ظالمون﴾ بهذا العناد بعد ما ظهر لكم من البينات.
«أما الطبع السادس» من طبائع بني إسرائيل فهو: اللجاج، وهو ذلك الذي بدا من موقفهم تجاه رب العزة سبحانه، حيث تجلى عليهم بقدرته، وكلفهم باتباع أوامره؛ فما كان منهم إلا أن تمادوا في العناد، وأعلنوا العصيان صراحة. وقد أشار إلى ذلك تبارك وتعالى في مخاطبته بني إسرائيل حيث قال: ﴿وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور﴾ تخويفًا وتهديدًا، وقلنا لمك ﴿خذوا ما آتيناكم﴾ من التوراة واعملوا بما فيها ﴿بقوةٍ﴾ وإلا فإنا سننزل عليكم العذاب ألوانًا، ونوقع عليكم الجبل ﴿واسمعوا﴾ إنا قد أنذرناكم بنزول العقاب بكم ﴿قالوا سمعنا﴾ ما نزل من التوراة ﴿وعصينا﴾ فلا نعمل بما فيها؛ ﴿وأشربوا في قلوبهم﴾ حب ﴿العجل﴾ والإيمان به ﴿بكفرهم﴾ الناشئ من اعتقادهم جواز التشبيه في حق الله، وعبادة غيره معه {قل بئسما يأمركم
تأمين النفقة ولم تكن حجة القائلين بإرغام المرأة على العودة إلى "بيت الطاعة" إلا أن الله قد جعل للرجل الحق وحده في الطلاق فلا يمكن لأحد أن ينتزع ذلك الحق منه والمرأة عاطفية ربما لا تدرك مصلحتها فتطلب الطلاق في ساعة غضبها ثم تندم عليه وإذا أجيبت إليه فإن الضرر لا يعود عليها وحدها وإنما يعود على الرجل أيضًا إذ يختل نظام بيته من جهة ويحال دونه ودون الإشراف على تربية أولاده خلال مدة الحضانة. ولقد فات القضاة في عصرنا هذا أن الحديث الذي رويناه صريح في أن على القاضي أن يحكم بالخلع متى استعدت المرأة بإرجاع المهر الذي دفعه الرجل ولا اجتهاد بعد النص والله أعلم بمصالح العباد وأشفق عليهم من أنفسهم. وأن على الرجل الذي يخشى على مصلحته ومستقبل أولاده أن يحسن عشرة الزوجة ولا يحملها على طلب الفراق منه بل عليه أن يسترضيها بعد الخلع ويتفق معها على العودة إلى الحياة الزوجية ثانيًا على أساس تبادل الحب والإخلاص بمحض الرغبة ومن أجل دوام العشرة وسعادة الأسرة.
على أن الرسول ﷺ لم يغفل واجب تحذير المرأة من مغبة التسرع في طلب الطلاق لأتفه الأسباب فأشعرها بفظاعة هذا الأمر حيث قال: «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس حرم الله عليها رائحة الجنة» – فهل من حرص على إقامة صرح الأسرة في دين من الأديان كهذا الحرص القائم على أساس الود الصحيح والحرية الكاملة؟.
وها نحن أولًا نرى ما يعانيه الناس في الغرب من ضروب العسف بإرغام كلا الزوجين على معاشرة الآخر دون أن يكون لهما حق الافتراق. الأمر الذي أدى إلى انتشار الفسق ومصاحبة الرفقاء والرفيقات، وفساد الأخلاق وكثرة أولاد الزنا ممن تعد بهم الملاجئ في كل مكان.
بعد أن بين الله حكم العدة والرجعة والطلاق الذي تجوز فيه الرجعة والطلاق باتفاق الزوجين شرع في بيان حكم الطلاق القاطع لحق الرجعة فقال ﴿فإن طلقها﴾ أي زوجته للمرة الثالثة {فلا
بالتذكير (عنهم) في هذه الحياة (أموالهم) التي يعتزون بها ويعتمدون عليها في تذليل الخطوب وتيسير الأمور (ولا أولادهم) الذين يستنصرون بهم في الأمور المهمة (من) قضاء (الله) ونقمه إذا حلت بهم (شيئًا) إذ النافع والضار هو الله، وما الأموال والأولاد إلا فتنة لقصار النظر الذين يعتمدون على الأشياء المادية وحدها في هذه الحياة الدنيا ولا يحسبون لله حسابًا في مقدراتهم ولا يفكرون في الآخرة ولا يطمعون في الحصول على رضاء الله بالتوحيد وخالص العبادات (وأولئك) الذين كفروا (هم) في الآخرة (وقود) بفتح الواو وقرئ بضمها (النار) الذين قضت إرادة الله أن يكونوا بوصفهم كفارًا وقودًا لها (كدأب) أي شأنهم في ذلك كشأن (آل فرعون) الذين كفروا بآيات الله التي جاءهم بها موسى (والذين من قبلهم) من الأمم الكافرة فإنهم (كذبوا بآياتنا) وهي أعم من أن تكون من معجزات الرسل أو آيات الكتب المنزلة عليهم (فأخذهم الله) وأنزل بهم أنواع العذاب المعجل في الدنيا ليكونوا عبرة لمن بعدهم وقضى عليهم أن يكونوا وقود النار في الآخرة (بذنوبهم) عقابًا عليها ولم تغنهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئًا (والله شديد العقاب) لا يستطيع أحد من المذنبين والكافرين أن يفلت منه.
بعد أن أخبر الله نبيه بأن الكفار بآيات الله لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم التي يعتمدون عليها من قضاء الله شيئًا أمره أن يحذرهم من الغرور بما لديهم من قوى، فإنها سوف لا ترد عنهم عادية الحرب، ولا تجعلهم في مأمن من ويلاتها فلا بد لهم أن يصلوها وتحصد أرواحهم وتدمر ديارهم، ويغلب بعضهم بعضًا، ويذوق كل من الغالب والمغلوب لوعة القلب ويكتوي بناره فقال (قل) أيها الرسول (للذين كفروا) بآيات الله الدالة على هيمنته على كل شيء وحسبوا لأنفسهم القدرة على ضمان السلام والطمأنينة بما أوتوا من القوة والسلطان، إنكم لمخطئون في تصوراتكم، فإن ذلك لا يمنع من قيام الأمم الصغيرة المستضعفة عليكم متذرعة بما لديها من قوة الإيمان بالحق و (ستغلبون) وقرئ «سيغلبون» بالباء بدل التاء في الدنيا ويذيق بعضكم بأس بعض (وتحشرون) وقرئ «يحشرون» بالياء بدل التاء بعد غلبكم وموتكم (إلى جهنم) في يوم القيامة خلافًا للمؤمنين الذين إذا غلبوا وماتوا في ساحة الجهاد، فسينعمون في الآخرة بجنة عرضها السموات والأرض (وبئس المهاد) جهنم موضعًا مهدتموه لأنفسكم بكفركم بآيات الله الماثلة أمام أعينكم ولا تستبعدوا هذا، وتقولوا أنى لنا أن نغلب ونحن على ما نحن عليه من كثرة الأموال
معًا أي ليكن لك من ذلك عزاء وسلوى، وثق أنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء الهداية منهم فلو أرادوا لأنفسهم وعملوا لها لنالوها وفقًا لمشيئة الله التي قضت بذلك.
لقد قال لنبيه عليه الصلاة والسلام ﴿فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك﴾ ولما كان هذا الجواب من شأنه أن يحمل الرسول على انتظار أمر الله فيما سيكون من أمرهم وهل يصيبهم ما أصاب من قبلهم أو ما ينبغي أن يعمل بأمثال هؤلاء المكذبين للرسل المصرِّين على العناد والكفر لعله يقضي جل وعلا بحربهم وإبادتهم من الوجود أنزل الله ما يشعره بأنه تعالى سيتولى عقابهم يوم القيامة حيث قال ﴿كل نفس﴾ في هذه الحياة الدنيا ﴿ذائقة الموت﴾ الذي سيصيب البدن بانتزاع الروح منه ﴿وإنما توفون أجوركم﴾ على ما قدمت أيديكم من خير أو شر ﴿يوم القيامة﴾ حيث يكون الجزاء من جنس العمل ﴿فمن زحزح﴾ نحي وأبعد ﴿عن النار﴾ بما قدم من عمل صالح ابتغاء وجه الله ﴿وأدخل الجنة﴾ برحمة الله تعالى التي من شأنها أن تضاعف الحسنات وتمحو السيئات ﴿فقد فاز﴾ بكل ما تصبو إليه نفسه من متاع دائم ونعيم مستمر ﴿وما الحياة الدنيا﴾ متاعها وملذاتها التي ينعم الناس بها بالنسبة لما سيفوزون به في الآخرة ﴿إلا متاع الغرور﴾ ينخدع به صاحبه فيشتغل به متوهمًا السعادة منه لكنه لم يدركها بها لما يعتورها من آلام ومتاعب وإنذار بالفناء. والعاقل الحكيم إذا تأمل في ملاذها لا يجدها تنتهي إلى نتيجة ذات معنى معقول، فشارب الخمر مثلاً إنما يطرب ويأنس بتضاؤل قواه العاقلة المدبرة إلى حين ثم يعود إلى ما كان عليه من حالة نفسية علاوة عما يكون قد ارتكب في أثناء سكره من أمور شائنة وما جلبه لنفسه من أضرار. وكذلك لا يجد الزاني في إشباع شهوته معنى غير التخلي عن قطرات من ماء حياته يفضي الإكثار منها إلى تأخر صحته ويعود على المجتمع بأضرار عظيمة وهكذا. أولئك الذين يصرفون أوقاتهم في اللهو واللعب ماذا يجنون من وراء ذلك غير إضاعة الوقت والمال فيما لا يعود عليهم بأي نفع معقول بخلاف من يعمر الدنيا بالأعمال المشروعة فإن لها من الأثر في الدنيا ما ينفعه في الدارين، ولما كانت لذة الدنيا في جمع الأموال ومتع النفس وعزتها فإن الله سيمتحن عباده فيها، ولذا قال ﴿لتبلون في أموالكم﴾ بطلب بذلها في مساعدة المحتاجين وأنواع الصدقات والجهاد في سبيل الله وكل ما يوصل إلى الخير ﴿وأنفسكم﴾ بما يصيبها من الأمراض والجروح والتضحية في الجهاد في سبيل الله ﴿ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا﴾ يجرح عزة
مشاقها ﴿إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا﴾ بتثبيط هممكم عن مداومة الأسفار بما يلقونه في روعكم من شدة وعثاء السفر أو ما يضعونه في طريقكم من كثرة القيود والعراقيل حتى تقبعوا في دياركم عن نشر دينكم والسعي لنيل رزقكم الأمر الذي يجب أن لا يثنيكم عنه أي شيء مهما كان صعبًا وقاسيًا ﴿إن الكافرين كانوا لكم عدوًا مبينا﴾ أي أن الكفار أعداء لكم والعدو لا يرد لعدوه الخير فأيما أمر يدبرونه لكم من شأنه أن يحملكم على التقاعس عن واجب السياحة في الأرض وارتياد ديارهم فإنما يراد منه الحيلولة بينكم وبين ما يطلبه الإسلام منكم فتنبهوا إلى ذلك. ثم قال تعالى على الحالة الثانية وهي حالة الخوف ﴿وإذا كنت فيهم﴾ في حال ضربهم في الأرض وهذا يعني أن تكونوا مسافرين لغاية واحدة أو لغرض واحد هو الجهاد في سبيل الله ﴿فأقمت لهم الصلاة﴾ بأن دعوتهم إليها بقولك حي على الصلاة حي على الصلاة أو قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ﴿فلتقم طائفة منهم معك﴾ دون الجميع ولتقتد بك ﴿وليأخذوا أسلحتهم﴾ أي ليحمل كل منهم سلاحه ولا يتخلى عنه بسبب قيامه بالصلاة ظنًّا منه أن في هذا ما لا يليق أن يكون عليه الواقف بين يدي ربه في الصلاة ﴿فإذا سجدوا﴾ أي فإذا تم المقتدون بك سجودهم ﴿فليكونوا من ورائكم﴾ أي ثم ينحازوا إلى الوراء ﴿ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك﴾ كما صلت الأولى ﴿وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم﴾ في الصلاة كما فعلت الطائفة الأولى ولعله زاد الأمر بأخذ الحذر للطائفة الثانية لأن العدو قلما ينتبه إلى أن القوم في صلاة إلا عند سجود الطائفة الأولى فيفاجئهم بالهجوم في سجود الطائفة الثانية وقد أشار إلى هذا بقوله ﴿ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة﴾ ولم تتعرض الآية إلى مصير الركعة الثانية بالنسبة للمقتدين وهذا ما بينته السنة بطرق شتى
الدنيا والخضوع لكل ذي سلطان وشريعتك هي الشريعة السمحة الوسطى الدائمة وقد جعلها الله ناسخة لما سبقها ومتمشية مع ما يناسب ارتقاء ذهن البشر وكمال الدين (وَلَوْ شَاءَ اللهُ) أن يوحد بين شرائعكم (لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) متحدة في أفكارها وأخلاقها وطبائعها كسائر أنواع الخلق التي يقف استعدادها عند حد معين كالنمل والنحل وما شابه ذلك (وَلَكِنْ) لم يشأ سبحانه ذلك وجعل الجنس البشري نوعا ممتازاً على باقي المخلوقات يرتقي في أطوار حياته بالتدريح وعلى سنة الإرتقاء فلا تصلح له شريعة واحدة في كل أطوار حياته وبمقتضى هذا كان لكل رسول شرعة ومنهاجا يتمشى مع العصر لذي يعيش فيه (لِيَبْلُوَكُمْ) أي ليختبركم (فِي مَا آتَاكُمْ) من عقول وقوى هل توجهونها التوجيه الصحيح وتستعملونها فيما خلقت له وطبق ما دعتكم إليه شرائعكم أم لا؟ وما دام الأمر
<٦٤>
كذلك (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) أي فالواجب يقضي عليكم أن تبادروا وتسارعوا إلى فعل كل ما يعود عليكم بالخير من العقائد السليمة والأعمال الصالحة (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) أي ولا تجعلوا من الشرائع سببا في الاختلاف والعداوة التي لا يرضى بها الله وقد تكفل ببيان حقائقها لكم يوم القيامة (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ) عليك (وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ) أي لا تجاريهم في آرائهم ولو بشيء من المجاملة التي تحاول بها تأليف قلوبهم وجذبهم إلى الإسلام فالحق لا يتوسل إليه بالباطل (وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ) أي يستدرجوك إلى الخطأ ويستنزلوك (عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ) لتحكم بغيره. روى ابن عباس قال: قال كعب بن أسد وعبد الله بن حوريا وشماس بن قيس من اليهود اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه فأتوه فقالوا يا محمد أنت عرفت أنَّا أحبار اليهود وأشرافهم وسادتهم وأنَّا إن اتبعناك اتبعنا اليهود ولم يخالفونا وإن بيننا وبين قومنا خصومة وسنحاكمهم إليك فتقضي لنا عليهم ونؤمن لك ونصدقك فأبى ذلك وأنزل الله فيهم هذه الآية (فَإِنْ تَوَلَّوْا) عن حكمك بعد تحاكمهم إليك (فَاعْلَمْ) أي فاستنتج من توليهم هذا (أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ) أي أن إرادة الله قد قضت (أَنْ يُصِيبَهُمْ) العذاب (بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ) أي بسبب ما ارتكبوه من ذنوب في أساس العقيدة التي منها اضطرابهم في دينهم وعدم انقيادهم لأحكام التوراة ولولا ذلك لطرقوا سبل الهداية
الله وحده هو الذي ينجيهم في ساعة الظلمات وعند اشتداد الكربات منة منه وكرمًا؛ عاد فأمره أن يصف لهم عظيم قدرته تعالى ليسترعي انتباههم إلى أن هناك من نعم الله الخفية ما هو سلبي لا يشعر به الإنسان إلا متى أعمل الفكر في تصورها فقال ﴿قل هو﴾ الله ربي ﴿القادر على أن يبعث﴾ أي يثير ويرسل ﴿عليكم﴾ متى أراد ﴿عذابا﴾ تجهلون كنهه فيصبه عليكم ﴿من فوقكم أو من تحت أرجلكم﴾ عن طريق السنن الكونية كإرسال الصواعق والزلازل والبراكين مما حدث من قديم الزمان أو بواسطة ما اكتشفه المخترعون من أنواع القنابل التي تقذفها الطائرات والألغام النارية والمفرقعات الموقوتة وغير الموقوتة ﴿أو يلبسكم﴾ اللبس معناه الخلط ﴿شيعًا﴾ شيعة الرجل أتباعه وأنصاره، والشيعة الفرقة من الناس. أي يجعلكم أمة مختلطة من أقوام متفرقين في الآراء والمعتقدات والأهواء كل فرقة منكم تشايع ملكًا أو رئيسًا أو تتعصب لدين أو مذهب ﴿ويذيق بعضكم بأس بعض﴾ أي يسلط بعضكم على بعض عن طريق تحزب الأحزاب وتدبير الفتن والمكائد نتيجة لتضارب الآراء وتعدد الأحزاب السياسية وتطاحن أعضائها على كراسي الحكم والترامي في أحضان دول الاستعمار الأجنبية للاستعانة بها على التنكيل بخصومهم السياسيين من أبناء وطنهم وإخوانهم في الدين. وقد رُوِيَ عن رسول الله ﷺ أنه قال عند نزول هذه الآية «هذا أهون أو هذا أيسر» بمعنى أن تفرق كلمة الأمة من أيسر أنواع العذاب، وهو أشدها خطرًا على كيان الأمة لأنه نذير فشلها إذ قال تعالى في آية أخرى ﴿فلا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم﴾.
﴿انظر كيف نصرف﴾ صرف الكلام حوله من حال إلى حال ﴿الآيات﴾ الأدلة على وحدانية الله ﴿لعلهم يفقهون﴾ الفقه: فهم الشيء بدليله وعلته المفضي إلى الاعتبار والعمل به. أي لعلهم يؤمنون بوحدانية الله عن برهان ويقين ﴿وكذب به﴾ أي يبعث الله العذاب عليهم ﴿قومك﴾ فلم يؤمنوا بقدرته على ذلك عندما طلبوه منه جل وعلا من قبل بقولهم في آية أخرى: ﴿وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم﴾ فلما لم يأتهم العذاب جحدوه واستخفوا به ﴿وهو الحق﴾ الذي لا مراء فيه والذي لا بد أن يكون. روى أحمد والترمذي قال سئل رسول الله ﷺ عن هذه الآية فقال: «إنها كائنة ولم يأت تأويلها بعد» ﴿قل لست عليكم بوكيل﴾ الوكيل: من يعتمد عليه. أي ليس لي
في الدنيا حتى مضى ذلك الوقت وحل اليوم الذي لا يصلح فيه العمل ﴿وضل عنهم ما كانوا يفترون﴾ أي لم يذكروا مزاعمهم التي لا حقيقة لها كقولهم ﴿هؤلاء شفعاؤنا عند الله﴾ وقولهم ﴿ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى﴾.
بعد أن أكد الله انقطاع كل عذر للناس في عدم الإيمان بالله واتباع الرسل بعد ما أنزله عليهم من الكتاب المفصل لكل شيء والذي هو سبيل الهداية والرحمة.
قفا على ذلك بخلاصة وافية عن جميع الأديان السماوية بدأها بتعريف الناس بحقيقة ربهم وما له من سنن وسلطان فقال ﴿إن ربكم﴾ الرب هو السيد والمالك والمربي هو ﴿الله﴾ خالقكم ﴿الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام﴾ يعلم الله مقدارها من الزمن قد قال تعالى: ﴿وإن يومًا عند ربك كألف سنة﴾ والمعنى أنه خلقها خلقًا تدريجيًا وكان في إمكانه أن يخلقها في لحظة واحدة وهذا إشارة إلى أنه سبحانه وتعالى في موضوع الخلق والتكوين قيد نفسه بنظام التدرج فإذا ما طلب عباده منه حصول شيء وتأخر سبحانه في تحقيقه لا يكون هذا موجبًا للشك في عظيم قدرته تعالى: ﴿ثم استوى﴾ بعد خلقه للسموات والأرض ﴿على العرش﴾ العرش من البيت سقفه ويطلق على كرسي الملك في مجلس الحكم وحقيقة الاستواء في اللغة التساوي واستقامة الشيء واعتداله ولقد كانت هذه العبارة من المتشابهات التي سببت زلل كثير من الناس كالمجسمة الذين فهموا منها وأمثالها من آيات الصفات أنه تعالى شخصية مستوية على العرش كاستواء الملوك على عروشها ولأجل أن يبعد علماء الخلف هذا الفهم عن أذهان الناس أولوا الاستواء بالاستيلاء وقالوا إن المعنى أن الله استولى على العرش بعد خلق السموات والأرض. ونحن إذ نؤمن بما عرف الله بذاته العلية في القرآن من أنه ﴿ليس كمثله شيء﴾ ما يكون لنا أن نتصوره شخصية مادية ولا أن صفاته كصفات سائر المخلوقين وإذا كنا نسلم بأن جميع هذه الموجودات هي من صنع صانع ونؤمن بأنه الله فلا بد لنا أن نوقن أنه تعالى لم يكن قبل خلق السموات والأرض أحد سواه وأنه تعالى هو القديم الأزلي ولا شك أنه عندما أوجد هذا العالم قد ألقى به في زاوية محدودة من فضائه الواسع غير المنظور أو غير المعلوم لدينا وقد أخبرنا سبحانه أنه جعل فوق سماء هذا العالم عرش ملكه ثم استوى عليه ومعنى هذا أن العالم المادي هو المحدود وأنه أسفل من عرش الرحمن ومن هنا يجب أن نجزم بأنه تعالى أعلى من جميع المخلوقات علوًا حقيقيًا لا علو مرتبة ولا نستطيع أن نعين مكانه جل
منواله بالوهابيين. أي القائمين بالدعوة إلى الدين الحق بصراحة وعزم قوي يناصرهم في ذلك الأمراء السعوديون من سلالة الأمير محمد بن سعود الذي احتضن الدعوة الإسلامية على الطريقة السلفية وعاهد الله على العمل بكتابه وسنة رسوله ومكن الشيخ محمد بن عبد الوهاب من تنفيذ خطته لإعلاء كلمة الله. ومن أجل ذلك أمد الله الملك عبد العزيز بتأييده حتى أسس مملكته العربية السعودية ونشر دعوته التي تستند إلى كتب ابن تيمية وابن القيم. هذه هي حقيقة العقيدة التي تسمى بالوهابية والتي يدين بها كل مؤمن صادق في إيمانه عاقل متحرر في أفكاره يمقت الجمود ولا يستسيغ التخريف دون أن يكون له أي صلة بمحمد بن عبد الوهاب بل ربما لم يقرأ شيئًا من كتبه، على أني لا أنكر أن الوهابية قد ابتليت في سائر الأقطار بجماعة من المرتزقة الدخلاء الذين لا يفهمون حقيقة الوهابية والصقهم الناس بها لأنهم يتصدون لوعظ الناس وحثهم على التمسك بنص الأحاديث دون تدبر لما ترمي إليه ومحاربة ما يحسبونه بدعة من المخترعات الحديثة ليلفتوا بذلك إليهم الأنظار ويغلون في ذلك غلوًا من شأنه أن يوجد التفرقة بين المسلمين على حساب الوهابية ولقد كانت لي مواقف حازمة مع بعضهم في الحجاز أثناء زيارتي لمسجد الرسول ﷺ ووقوفي عند قبره الشريف ونظمي عدة قصائد في مديحه عليه الصلاة والسلام نشرتها في رسالتي «في حب الله ورسوله» كما شهدت بنفسي جماعة من هذا النوع في أراضي الملايا وأندونيسيا يطلق عليهم: «قوم مودا أرنغ وهابي» أي المجددون من الوهابيين لأنهم يزعمون لأنفسهم الاجتهاد المطلق ويطعنون في المذاهب الأربعة ويمنعون الناس من تقليدهم ويظهرون التمسك بحديث رسول الله ﷺ وسيرة السلف الصالح رضوان الله عليهم ولا يعرفون معنى البدعة ويتلمسون بعض هفوات الناس وعاداتهم وتقاليدهم فيشنون عليها غاراتهم ويعتبرونها من السيئات المخالفة للسنة وإنها من البدع التي لا يجوز السكوت عليها في عرفهم، ويتخذون منها ميدانًا لإيقاظ الفتن وإيجاد الخلاف بين المسلمين بينما تكون تلك الأقوال والأعمال في ذاتها لا تؤثر في جوهر الدين وليس فيها من الضرر الذي يتصورونه عشر معشار ما أوجدوه بمخالفتهم من تفرقة كلمة المسلمين، والوهابية بريئة من كل ذلك. فالإمام محمد بن عبد الوهاب نفسه كان حنبلي المذهب ولم ينكر تقليد أصحاب المذاهب ولكنه كان يرى ضرورة الاجتهاد في تطبيق أقوالهم على ما ورد في القرآن وصحيح السنة لتتقارب الأفكار وتتمحص الحقائق وتتوحد
التي جاءت بها جميع الأنبياء والمرسلين من عند الله وعلى أنه ليس كمثله شيء لا ولد له ولا والد: ﴿بأفواههم﴾ بما يتقولون من أقوال من شأنها أن تبعدهم عن الله وتصدهم عن سبيله: ﴿ويأبى الله إلا أن يتم نوره﴾ أي يظهره بوضوح ببعثة خاتم النبيين محمد إلى الخلق أجمعين الذي فضح أمرهم وفند أقوالهم وبين حقيقة ما دعا إليه من سبقه من وجوب إخلاص العبادة لله رب العالمين ونبه الأفكار وخاطب الوجدان وجاء بشريعة مدعومة بالدليل والبرهان تمنع الإنسان من الخضوع للإنسان فضلًا عن الأصنام والأوثان وعبادات تزكي النفوس وتطهرها وتفك قيدها وتحررها وتجعلها تدرك ما لها وما عليها وتطبع فيها ملكات الفضائل وتسمو بها عن كل عرض زائل: ﴿ولو كره الكافرون﴾ ذلك لأنه أظهر كذبهم وقضى على سلطة أحبارهم ورهبانهم وحرمهم من منح العفو والمغفرة التي كانوا يمنحونها لهم ويتقبلونها منهم بأفكارهم الضيقة. ثم قال تعالى: ﴿هو الذي أرسل رسوله﴾ محمدًا: ﴿بالهدى﴾ وهو القرآن: ﴿ودين الحق﴾ وهو الإسلام: ﴿ليظهره على الدين كله﴾ أي ليجعله يعلوا على جميع الأديان المخالفة له بقوة الحجة والأدلة العقلية: ﴿ولو كره المشركون﴾ ذلك: ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ هل علمتم لماذا يريد أولئك القوم أن يطفئوا نور الله بأفواههم: ﴿إن كثيرا من الأحبار والرهبان﴾ كانوا يزعمون لأنفسهم سلطة روحية يتحكمون بمقتضاها في رقاب البسطاء ويوهمونهم أن في استطاعتهم قبول الاعترافات بالذنوب ومنح الشفاعة لمن يريدون مقابل أموال يبتزونها منهم وإنهم لذلك: ﴿ليأكلون أموال الناس بالباطل﴾ بطريق غير مشروع فهم لا يملكون الغفران حتى يمنوا به عليهم ولا نفوذ لهم في الآخرة حتى يستطيعوا أن يمنحوا جنة أو نارًا وهم بعملهم هذا يعطون ما لا يملكون ويسلكون مسلكًا غير شريف ومثل هؤلاء بعض المشايخ الذين يكتبون للناس الحجب ويأخذون عليها أجرًا: ﴿ويصدون عن سبيل الله﴾ واتباع شريعة خاتم النبيين بما يدخلونه في روع من صدقهم بأنهم قد كفوه ما أهمه من قبل الله بما أخذوه منه من مال: ﴿والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم﴾ أي في حين أن كنز الذهب والفضة في ذاته وعدم إنفاقهما في سبيله جريمة يستحق مرتكبها شدة العذاب فما بالك بمن يجمعهما بغير طريق مشروع وينفقهما في الصد عن سبيل الله: ﴿يوم يحمى عليها﴾ على تلك الأموال التي كثرت ولم تنفق في أوجه الخير، والأموال التي جمعت من حرام وأنفقت في الصد عن سبيل الله من باب أولى: ﴿في نار جهنم﴾ التي أعدت
الحاجات والتصرف في الكائنات كما يعتقد الكثير من المخرفين في سائر الأوقات ليصدوهم بذلك عن سبيل بارئ الأرض والسموات وصف الله أولئك الأولياء وعرفهم بقوله: ﴿الذين آمنوا وكانوا يتقون﴾ أي الذين آمنوا بالله إيمانًا كاملًا يستلزم الإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وكانوا ممن يخافون الله في سرهم ويتقون ما لا يرضيه من ارتكاب المحرمات والتقصير في الواجبات ومخالفة السنن التي شرعها الله لفعل الصالحات. وهذا أمر ميسور لكل إنسان بل محبوب مفضل عند كل ذي جنان. ولا يتوقف ذلك على التقشف والزهد في الدنيا ولبس مرفوع الثياب أو كثرة التعبد بالليل والنهار أو ظهور شيء على يده من خوارق العادات التي قد تصدر من العفاريت أو يأتي بها العلم فيما يقبل من الأوقات كما أخبرنا الله بذلك حكاية عما حصل لنبيه سليمان مع بلقيس ملكة سبأ عندما: ﴿قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقويٌ أمينٌ قال الذي عنده علمٌ من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرًا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غنيٌ كريمٌ﴾.
وقد صحت الأحاديث بأن الدجال يظهر على يديه من خوارق العادات ما هو أعظم من المعجزات منها أنه يأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت وأن معه نهرين يجريان أحدهما رأي العين ماء أبيض والآخر رأي العين نار تتأجج وأن من فتنته أن يقول للأعرابي أرأيت إن بعثت إليك أباك وأمك أتشهد أني ربك فيقول نعم فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه فيقولان يا بني اعبده فإنه ربك.
وأثبتت الحوادث كل هذا رجاء العلم اليوم بكثير من خوارق العادات بما اخترعه العلماء من نقل الحديد بالطائرات ونقل الصور والأصوات إلى جميع الجهات في لحظات ولم يعد هنالك أي شك في قدرة الإنسان على الإتيان بالمعجزات إذا ما صفت نفسه واتصلت بعالم القوى عن طريق الروحانيات أو دراسة سنن الكائنات ولم تعد خوارق العادات في عصرنا هذا دليلًا على القرب من الله بل إنها أصبحت من منتجات العلم واستخدام قوى الله، وربما كانت من الفتن التي توجد في النفس شيئًا من الغرور مما يؤدي إلى سوء المصير، فالولاية في ذاتها لا تفيد الولي
﴿وكذلك﴾ أي بمثل ذلك الشأن الرفيع الذي تمثل لك في رؤياك من سجود الكواكب والشمس والقمر لك: ﴿يجتبيك ربك﴾ أي يصطفيك من بين آلك فتكون من عباده المخلصين: ﴿ويعلمك﴾ من علمه اللدني ما تستطيع معه: ﴿من تأويل الأحاديث﴾ أي معرفة ما تؤل إليه الأحاديث وهي كل ما يلفظ به بمعنى مقاصد الكلمات الظاهرة وما يراد منها: ﴿ويتم نعمته عليك﴾ بالنبوة والرسالة والملك والرئاسة: ﴿وعلى آل يعقوب﴾ وهم أبواه وإخوته وذريتهم: ﴿كما أتمها على أبويك﴾ أي جدك وجد أبيك: ﴿من قبل﴾ أي من قبلك وهما: ﴿إبراهيم وإسحاق﴾ وبدأ بالجد الأول باعتباره مصدر الاجتباء فهو الذي أخلص لله فأكرمه تعالى وجعله إمامًا للناس وحصر في نسله الأنبياء: ﴿إن ربك عليم﴾ بمن يسير على سيرتهم ويستحق الفوز بالاصطفاء منهم: ﴿حكيم﴾ إذ سن لنيل الهداية سننًا بسطها في هذه السورة يستطيع كل إنسان سلوكها لنيل رضوان الله.
لقد خاف يعقوب على يوسف من كيد إخوته له إذا هو قص عليهم أمر رؤياه وحذره من شرهم ولم يدر أن شدة حبه له وعطفه عليه سيكون سببًا في كيد إخوته له وعونًا لهم عليه وأنا لله جل جلاله إذا أراد شيئًا لا بد أن يكون بل إنه تعالى ليسبب لذلك من الأسباب ما لم يكن في الحسبان ليجعل منه ذلك دليلًا على عظيم قدرته وفائق حكمته ومبلغ ابتلائه لمن يصطفي من عبيده فقال: ﴿لقد كان في يوسف وإخوته﴾ وعددهم أحد عشر: ﴿آيات﴾ وقرئ «آية» بالإفراد أي علامة دالة على الله: ﴿للسائلين﴾ عن هذه الآيات من الراغبين في معرفتها لتكون لهم موضع عظة واعتبار فإن للظواهر غايات لا تعلم حقائقها إلا من تدبر هذه القصة فيوسف الذي زهد فيه إخوته هو الذي أراد الله أن يكون مصدر خير وسعادة لهم ولقومه جميعًا، وغيرتهم منه وقصد الخلاص منه هي التي يسرت له سبيل الوصول إلى مصر، وإلقاؤه في الجب هو الذي أدى إلى استرقاقه وبيعه كما يباع العبيد وهذا كان سببًا في وصوله إلى قصر العزيز وتمتعه بعطفه كما أن حب امرأة العزيز له هو الذي جلب له المشاكل وألقى به في السجن، وطمعه في شفاعة ساقي الملك قد سبب له إطالة أمد السجن، ولم يخلصه من بلوائه ويحقق له آماله إلا ما آتاه الله من علم بتأويل الأحلام، وما كان عليه من تقوى الله في السر والجهر وقد أخبر الله رسوله بما حيك ليوسف من المؤامرات وكيف تلقاها بصبر وإيمان ليكون منه قدوة لكل ذي جنان، وقد
بصورة دائمة على عادة مضطردة لتنير لكم سبل العمل والراحة ولتعلموا عدد السنين والحساب: ﴿وسخر لكم الليل﴾ لراحة أجسامكم: ﴿والنهار﴾ لسعيكم في طلب العيش: ﴿وآتاكم من كل ما سألتموه﴾ لقد امتن الله على عباده بأنه آتاهم من كل ما سألوه بصيغة الماضي ولم يقل بكل ما تسألون إشارة إلى أنه تعالى قد قطع على ذاته العلية وعدًا لن يخلفه بإجابة الدعاء وتحقيق الآمال حيث قال: ﴿ادعوني أستجب لكم﴾ وقال أيضًا: ﴿ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين﴾ وبذلك سجل جل جلاله عليهم هذه المنة فإذا هم لم يثقوا بوعده أو كفروا به فلم يلجئوا إليه في النائبات ودعوا سواه لبلوغ الغايات فلم يظفروا بما يريدون فإنما جرمهم على أنفسهم: ﴿وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها﴾ فإن في تكوين الإنسان وما منحه الله من نعمة السمع والبصر والكلام والصحة وكل جزء من أجزاء جسمه وما أودعه من أنواع الفيتامينات في مختلف النباتات لتغذيته وعلاجه لنعم كبرى لله لا تدرك قيمتها إلا عند فقدانها: ﴿إن الإنسان﴾ بفطرته: ﴿لظلوم﴾ لنفسه يوردها موارد الهلاك من حيث لا يشعر: ﴿كفار﴾ بنعم الله التي تحيط به من كل جانب وقد أرسل الله الرسل وأنزل الكتب شفقة عليه ليحول دونه ودون الكفر والظلم.
بعد أن عدد الله نعمه على عباده ليعرفوه بها ويشعروا بمبلغ فضله عليهم أخذ يذكر رسوله بمنشأ الدعوة الإسلامية التي جاء بها جده إبراهيم الخليل عليه السلام ونادى بها من أم القرى فقال: ﴿وإذ قال إبراهيم﴾ أي واذكر قوله مناجيًا ربه إثر رفعه لقواعد البيت الحرام: ﴿رب اجعل هذا البلد﴾ مكة المكرمة: ﴿آمنًا﴾ من سخطك ونقمك وما أنزلته بغيره من البلاد من الخراب والدمار بل اجعله على الدوام عامرًا بالسكان آهلًا بمن يعبدك على ممر الأزمان: ﴿واجنبني﴾ أي بعدني: ﴿وبني﴾ للموجودين وقت الدعاء: ﴿أن نعبد الأصنام﴾ سواء كانت من حجارة أم حديد أم غير ذلك من كل ما سوى الله: ﴿رب إنهن أضللن كثيرًا من الناس﴾ أي كن سببًا في إضلالهم كقوله تعالى: ﴿وغرتهم الحياة الدنيا﴾: ﴿فمن تبعني﴾ منهم فيما أدعو إليه من التوحيد وإخلاص العبادة لك وتجنب عبادة الأصنام: ﴿فإنه مني﴾ ويهمني أمره وأسألك له التوفيق والهداية إلى أقوم الطرق: ﴿ومن عصاني﴾ أي من بلغته دعوتي فلم يستجب لها: ﴿فإنك غفور رحيم﴾ أي فأمره مفوض إليك إن شئت غفرت له ورحمته وإن شئت عذبته فأنا لا أجرأ أن أدعو له: {ربنا إني أسكنت من
بعد أن وعد الله من هاجر وجاهد وصبر بمغفرته ورحمته يوم القيامة الذي توفى فيه كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون أردف ذلك بما يشير إلى أنه تعالى حتى في هذه الدنيا قد حرم على نفسه الظلم ونهى الناس عنه وجرت سننه في نظامه الكوني أن لا يؤاخذ الناس إلا بما يستحقون فقال: ﴿وضرب الله مثلًا﴾ لعدله تعالى: ﴿قرية﴾ هي مكة قبل الإسلام: ﴿كانت آمنة﴾ من المخاوف: ﴿مطمئنة﴾ على رزقها لتوفر الأرزاق لديها إذ: ﴿يأتيها رزقها﴾ أي أقوات أهلها: ﴿رغدًا﴾ أي واسعًا: ﴿من كل مكان﴾ من سائر أطراف المعمورة كما قال تعالى: ﴿فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف﴾.
﴿فكفرت بأنعم الله﴾ أي لم تقدر هذه النعم وتنسبها إلى الله: ﴿فأذاقها الله لباس الجوع والخوف﴾ أي فسلبها الله ما منحها من أمن وسعة رزق: ﴿بما كانوا يصنعون﴾ من كفر لأنعم الله: ﴿ولقد جاءهم رسول منهم﴾ هو النبي محمد ﷺ ينبههم إلى هذا ويذكرهم بآلاء الله: ﴿فكذبوه﴾ في رسالته ولم يؤمنوا به: ﴿فأخذهم العذاب﴾ بالتقتيل يوم بدر وما أخذ منهم من غنائم وسبي: ﴿وهم ظالمون﴾ أي وهم متلبسون بالظلم وهو الكفر.
بعد أن ضرب الله مثلًا بمكة وما كان عليه أهلها قبل الإسلام من الكفر بأنعم الله وتكذيبهم للرسول الذي جاء يدعوهم إلى توحيده وتذكيرهم بآلائه وجه خطابه إلى الناس جميعًا منبهًا لهم إلى أن كل ما على وجه البسيطة من جميع المأكولات هو رزق أعده سبحانه لحياة الإنسان وألهمه طريقة كسبه فعليهم أن يقدروا له تلك النعمة ويشكروه عليها بالأكل منها واستثنى من ذلك بعض أشياء أوجب عليهم تجنبها فقال: ﴿فكلوا﴾ يا عباد الله: ﴿مما رزقكم الله﴾ أي من جميع ما خلقه وأوجده تعالى ليكون رزقًا لكم: ﴿حلالًا﴾ أي وجعله حلالًا لكم فأنتم في حل من نيل ما جعله: ﴿طيبًا﴾ مستساغًا للأكل: ﴿واشكروا نعمة الله﴾ موجد الأرزاق من العدم وجاعلها صالحة للأكل ويسر لكم أمر نيلها بقوله: ﴿ونزلنا من السماء ماء مباركًا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقًا للعباد وأحيينا به بلدة ميتًا كذلك الخروج﴾.
﴿إن كنتم إياه تعبدون﴾ أي إن كنتم تخصونه بالعبادة وتؤمنون بأن الله هو واهب أساس الرزق وهو الذي تدعونه في ساعة الجدب وأنه هو الذي أحل لكم جميع الطيبات: ﴿إنما حرم عليكم﴾ من الحيوان: ﴿الميتة﴾ لما يخشى من ضررها لأنها إما أن تكون قد ماتت بمرض سابق أو بعلة
الحاجات والتصرف في الكائنات كما يعتقد الكثير من المخرفين في سائر الأوقات ليصدوهم بذلك عن سبيل بارئ الأرض والسموات وصف الله أولئك الأولياء وعرفهم بقوله: ﴿الذين آمنوا وكانوا يتقون﴾ أي الذين آمنوا بالله إيمانًا كاملًا يستلزم الإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وكانوا ممن يخافون الله في سرهم ويتقون ما لا يرضيه من ارتكاب المحرمات والتقصير في الواجبات ومخالفة السنن التي شرعها الله لفعل الصالحات. وهذا أمر ميسور لكل إنسان بل محبوب مفضل عند كل ذي جنان. ولا يتوقف ذلك على التقشف والزهد في الدنيا ولبس مرفوع الثياب أو كثرة التعبد بالليل والنهار أو ظهور شيء على يده من خوارق العادات التي قد تصدر من العفاريت أو يأتي بها العلم فيما يقبل من الأوقات كما أخبرنا الله بذلك حكاية عما حصل لنبيه سليمان مع بلقيس ملكة سبأ عندما: ﴿قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقويٌ أمينٌ قال الذي عنده علمٌ من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرًا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غنيٌ كريمٌ﴾.
وقد صحت الأحاديث بأن الدجال يظهر على يديه من خوارق العادات ما هو أعظم من المعجزات منها أنه يأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت وأن معه نهرين يجريان أحدهما رأي العين ماء أبيض والآخر رأي العين نار تتأجج وأن من فتنته أن يقول للأعرابي أرأيت إن بعثت إليك أباك وأمك أتشهد أني ربك فيقول نعم فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه فيقولان يا بني اعبده فإنه ربك.
وأثبتت الحوادث كل هذا رجاء العلم اليوم بكثير من خوارق العادات بما اخترعه العلماء من نقل الحديد بالطائرات ونقل الصور والأصوات إلى جميع الجهات في لحظات ولم يعد هنالك أي شك في قدرة الإنسان على الإتيان بالمعجزات إذا ما صفت نفسه واتصلت بعالم القوى عن طريق الروحانيات أو دراسة سنن الكائنات ولم تعد خوارق العادات في عصرنا هذا دليلًا على القرب من الله بل إنها أصبحت من منتجات العلم واستخدام قوى الله، وربما كانت من الفتن التي توجد في النفس شيئًا من الغرور مما يؤدي إلى سوء المصير، فالولاية في ذاتها لا تفيد الولي
﴿وَكُتُبِهِ﴾ وقرئ «وكتابه» المنزل على جميع الرسل السابقين واللاحقين بمعنى أنها كانت تؤمن برسل الله أجمعين: ﴿وَكَانَتْ﴾ إلى جانب هذا الإيمان والتصديق الكامل بقلبها: ﴿مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ أي المقيمين على طاعة الله وفي هذا تنبيه إلى أن سعادة الآخرة لا تنال إلا بالإيمان والتضرع إلى الله مع صالح العمل لا بالصلة بالأنبياء والأمل في شفاعة الشفعاء. أسأله تعالى التوفيق لصالح العمل مع حسن القبول.
انتهى طبع الجزء الثامن والعشرين من تفسيرنا هذا الذي استعجلنا طبعه لحاجة الطلبة إليه وسنبدأ بعده بإعادة طبع أجزاء القرآن الأوائل بالتسلسل بمعونة الله وتوفيقه.
فهرست الجزء الثامن والعشرين
تقرب
هذا بلاغ
سورة المجادلة
سماع الله لمجادلة خولة
حكم الظهار
محادة الله ورسوله
معية الله لعبيده
التناجي بالإثم والعدوان
التلبيس في التحية
حكم النجوى
التفسح في المجالس
التقرب إلى الله بالصدقات
المنافقون مع اليهود
غلبة الله
سنة الله في موادة الكافرين
حزب الله
عالم المادة فهذا أمر لا مراء فيه إذن كيف كان ومن أين نشأ هذا ما فصله الله بقوله: ﴿إنا خلقنا الإنسان﴾ أي أن أول ما حصل هو أنا أمرنا بخلقه نفسًا في العالم غير المنظور واقتضت سنتنا أن يتكون جسمه في أول الأمر: ﴿من نطفة﴾ وهي حيوان منوي صغير مهين يخرج من الرجل والمرأة وباتحادهما يتكون الجنين أما أصل هذه النطفة فقد قال تعالى إنها: ﴿أمشاج﴾ أي مخلوقة من عناصر مختلفة آتية من النبات والحيوان والماء وكل ما يتعاطاه الإنسان من غذاء وشراب: ﴿نبتليه﴾ أي بقصد ابتلائه واختباره لا للعبث واللهو سدى من غير غاية والدليل على هذا أنا منحناه بعد خلقه من الحواس الظاهرة ما يجعله يدرك الحسن والقبيح: ﴿فجعلناه سميعًا﴾ لما يلقى إليه من كلام الله: ﴿بصيرًا﴾ لما في الكون من سائر المخلوقات الدالة على وجود الله وعظيم قدرته ولولا ذلك لكان سمعه وبصره محدودًا كسائر الحيوانات ولم نكتف بهذا بل: ﴿إنا هديناه﴾ أرشدناه: ﴿السبيل﴾ أي الطريق بمعنى منحناه ملكة العقل التي تمكنه من فهم الحقائق والتمييز بين النافع والضار وطريقي الخير والشر فهو والحالة هذه مالك لكامل الحرية التي تجعله بالخيار التام: ﴿إما شاكرًا﴾ ليس المراد بالشكر أن يردد الإنسان بلسانه عددًا من الحمد لله والشكر له بل المراد أن يشعر في نفسه بنعم الله عليه فيقدرها قدرها في السر والعلن وذلك بالإيمان به واستعمال حواسه ومواهبه فيما خلقت له من طاعة الله وابتغاء رضوانه: ﴿وإما كفورًا﴾ أي وإما أنه لا يشعر في نفسه بكل تلك النعم ولا يعزوها إلى مانحها فلا يؤمن بوحدانيته أو يتخذ معه شركاء لا يسلم العقل بأن لهم أي تأثير في خلقه وتكوينه وما هو فيه من نعم ولتأكيد معنى الحرية ونعمة الله على الإنسان بكامل الخيار وأنه إنما يؤدي في هذه الحياة دون الاختيار أخبره جل جلاله بمصير الفريقين يوم القيامة ليكون على علم تام بذلك فيحكم عقله ويستعمل جوارحه في اختيار ما يراه من السبل التي أوضح له تعالى معالمها فقال: ﴿إنا أعتدنا﴾ الاعتاد وهو إعداد الشيء حتى يكون عتيدًا حاضرًا متى احتيج إليه: ﴿للكافرين﴾ بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ثلاثة أنواع من أدوات التعذيب: ﴿سلاسل﴾ وقرئ «سلاسلًا» بالتنوين ما تشد به الأرجل من الحديد يسحبون بها في جهنم: ﴿وأغلالًا﴾ توضع في أعناقهم وأيديهم: ﴿وسعيرًا﴾ النار المشتعلة ذات اللهب يلقون فيها وتكوى بها أجسامهم: ﴿إن الأبرار﴾ جمع بار وقد فسر الله البر في سورة البقرة ووصف الأبرار بمن تتوفر فيهم ست صفات حيث قال: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من
تَعْلَمُونَ} خطأكم فيما أنتم ماضون فيه: ﴿ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ ماذا سيصيبكم من جراء ذلك من العواقب السيئة: ﴿كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ﴾ ما هو جزاء عبدة الأموال في الحياة الأخرى: ﴿عِلْمَ الْيَقِينِ﴾ أي علماً لا يعتريه شك أو تردد لأن الله قد أخبركم بذلك في كتبه وعلى ألسنة رسله: ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ النار التي كنتم بها تكذبون أي لكنتم تتصورون جهنم ونيرانها ماثلة أمام أعينكم: ﴿ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا﴾ فعلاً يوم القيامة: ﴿عَيْنَ الْيَقِينِ﴾ أي ترونها رأي العين وتحسون بآلامها كما أُخبرتم بها: ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ أي لتحاسبن على جميع نعم الله التي أنعم بها عليكم من سمع وبصر وصحة ورزق وغير ذلك فإن قابلتموها بالشكر نالكم خير الجزاء وإن تلاهيتم عنها أو كفرتم بها نالكم عذاب الجحيم وقد روي عن رسول الله ﷺ عدة أخبار عن المراد بالنعيم منها قوله: «إنه الأمن والصحة» ومنها قوله: «شبع البطون وبارد الشراب وظل المساكن واعتدال الخلق ولذة النوم»، وقال ﷺ «إن أول ما يسأل عنه العبد أن يقال: ألم نصلح لك بدنك ونرويك من الماء البارد؟» وقال أيضاً: «نعمتان مغبون فيها كثير من الناس الصحة والفراغ».
وعندما أنزلت هذه الآية قال الصحابة: يا رسول الله وأي نعيم نحن فيه وإنما نأكل من أنصاف بطوننا خبز الشعير؟! فأوحى الله إلى نبيه ﷺ أن قل لهم: «أليس تحتذون النعال وتشربون الماء البارد فهذا من النعيم»، وخاض الصحابة يوماً أمامه عليه الصلاة والسلام في ذكر الغنى فقال صلى الله عليه وسلم: «لا بأس بالغنى لمن اتقى الله، والصحة لمن اتقى الله خير من الغنى، وطيب النفس من النعيم». نسأله تعالى أن يوفقنا لشكر نعمه والفوز بجنته.
سورة العصر
مكية عدد آياتها ثلاث

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)﴾
سورة العصر: بعد أن لفت الله الأنظار في السورة السابقة إلى ما عليه الناس من التهافت على جمع المال وعبادته من دون الله ونبههم إلى أنهم سيحاسبون على النعم في الآخرة أخذ يبين في هذه


الصفحة التالية
Icon