به إيمانكم} الذي يسوغ لكم نسبة التجسيم إلى الله، وتصوره في شخص العجل ﴿إن كنتم مؤمنين﴾ بالله وفق تعاليم موسى لكم، وهي أن الإيمان: توحيد الله، وإخلاص العبادة له، وعدم إشراك غيره معه.
وفي هذا تحذير من مغبة العناد واللجاج، إذ هما من شر الطبائع، وأسوأ الأخلاق التي تؤدي إلى الكفر، وسوء العاقبة.
«الطبع السابع» من طبائع بني إسرائيل: كذب الإنسان على نفسه، وهو شر أنواع الكذب، وقد تجلى ذلك منهم في إدعائهم بأنهم هم الناجون يوم القيامة، لأنهم أبناء الله وأحباؤه المنحدرون من أكابر أنبيائه، فرد الله على ذلك بقوله ﴿قل إن كانت لكم الدار الآخرة﴾ أي الجنة ﴿عند الله خالصة من دون الناس﴾ كما تزعمون ﴿فتمنوا﴾ بقلوبكم ﴿الموت﴾ لتظفروا بعده بالحياة السعيدة التي وعد الله بها عباده المخلصين ﴿إن كنتم﴾ فيما زعمتم ﴿صادقين﴾ غير واهمين، ﴿ولن يتمنوه أبدا﴾ إذ هم يعلمون أنهم ما كانوا صادقين فيما يدعون، بل هم يدركون في أنفسهم حقيقة أمرهم، وعدم نجاتهم في الآخرة، فيكرهون الموت، ويخشون العذاب ﴿بما قدمت أيديهم﴾ من السيئات ﴿و﴾ هم يعلمون إلى جانب هذا أن ﴿الله عليمٌ بالظالمين﴾ المفترين الكذب على الله بقولهم: إن الدار الآخرة خالصة لهم، فلن يفلتهم الله من عقابه على هذا الكذب الصراح.
لأن من شر البلايا، أحط أنواع الكذب، كذب الإنسان على نفسه مع علمه بحقيقة أمره؛ لأنه يكون في الأول كذبًا، ثم يرسخ في النفس غالبًا فيصبح أشبه بحقيقة يؤمن بها الإنسان فيعود ذلك بأسوأ النتائج.
«الطبع الثامن» من طبائع بني إسرائيل: التهافت على حب الحياة حبًّا يجعلهم يفرطون في هذا السبيل بدينهم وأخلاقهم ومروءتهم، وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى ذلك بقوله ﴿ولتجدنهم﴾ أيها الرسول ﴿أحرص الناس على حياة﴾ وهذا هو السبب الذي حملهم على التقاعس عن دخول الأرض المقدسة في الماضي امتثالًا لأمر موسى، وهو السبب الذي سيحملهم على التقاعس عن أداء واجب نصرتك، والجهاد تحت لوائك، بل ويحملهم على الحرص على الأموال أن تبذل في سبيل الله، ويدعوهم إلى الإنهاك في اللذات والشهوات، فلا
تحل له من بعد} أي لا يجوز له أن يعقد عليها ويدخل بها ﴿حتى تنكح﴾ أي تجامع ﴿زوجًا غيره﴾ بعقد صحيح ﴿فإن طلقها﴾ ذلك الزوج الآخر وانقضت عدتها منه ﴿فلا جناح عليهما﴾ أي الزوجة وزوجها الأول ﴿أن يتراجعا﴾ بعقد جديد ﴿إن ظنا أن يقيما حدود الله﴾ فلا بد من حسن النية من الجانبين ﴿وتلك﴾ الأحكام التي تقدمت هي ﴿حدود الله يبينها﴾ بالياء وقرئ ﴿نبينها﴾ بنون التعظيم أي نوضحها ﴿لقوم يعلمون﴾ فالله سبحانه مطلع على خفايا القلوب لا تجوز عليه الحيلة ولا يغيب عليه شيء مما تخفيه الصدور.
والشارع الحكيم لشدة رغبته في دوام روابط الزوجية وبغضه للطلاق لم يؤاخذ الرجال عليه في مرتين وأباح لهم الرجعة بعدها وشدد عليهم في المرة الثالثة حيث حظر ذلك إلا بعد أن يتمتع بها غيره ويلفظها من تلقاء نفسه تأديبًا له وردعًا لأمثاله.
بعد أن بين الله كيفية الطلاق وعدده وكون الأصل فيه أن يكون بغير عوض وأن العوض من المرأة لا يحل إلا بشروط، أتى بحكم آخر هو عدم المضارة في حالة الإمساك فأعاد ما استطرد ذكره من قبل حيث قال ﴿وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن﴾ الذي هو آخر زمان يمكن إيقاع الرجعة فيه بحيث إذا فاتت لا يبقى بعده إمكان الرجعة ﴿فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف﴾ وحذار من مضارتهن لما يعود عليكم من جراء ذلك من الإضرار ﴿ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا﴾ أي ولا تضاروهن فتكونوا معتدين بمعنى فتكون عاقبة أمركم عدوانًا وهو كقوله تعالى ﴿فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًا وحزنًا﴾. ﴿ومن يفعل ذلك﴾ الإمساك للمضارة ﴿فقد ظلم نفسه﴾ لأنه أوجد له في بيته عدوًا داخليًا يستطيع أن ينصب له الشباك ويدبر له المكايد ويحدث له فتنا داخلية لا قبل له على التحفظ منها وهو "المرأة" ولا يؤمن على شرفه من التلوث بسببها ﴿ولا تتخذوا آيات الله﴾ التي أنزلها عليكم وقد اشتملت على أحكام كلها في صالحكم ﴿هزوًا﴾
ومختلف الأسلحة المدمرة فإنه (قد كان لكم) فيما سمعتم من حوادث التاريخ (آية) عظمى تدلكم على أن النصر لا يكون لكثرة العدد ووفرة العدة بل هو كما قال تعالى «وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم» وذلك في (فئتين التقتا) تقابلتا يوم بدر إحداهما (فئة) وقرئ «فئة» بالخفض والنصب قليلة مؤمنة بأن النصر من عند الله ولذلك فهي (تقاتل في سبيل الله) مدفوعة إلى ذلك بباعث ديني، ومقصد سام، وتحت تأثير عقيدة قوية تستند إلى مداد الله ونصره وتثق بمعونته وحسن جزائه في الآخرة (وأخرى) أكثر منها (كافرة) لا تؤمن بقدرة الله بل تعتمد على مجرد قوتها المادية وجبروتها وتقاتل مسخرة لمجرد الهوى والطغيان أو التوسع والعدوان (يرونهم) أي يرى المقاتلون في سبيل الله الفئة الكافرة وقرئ «تَرَونهم» و «تُرَوْنهم» و «يُرَونهم» (مثليهم) فعلًا (رأي العين) ومع ذلك فإنهم لم يبعثوا بتلك الظاهرة لهم وأقدموا على مقاتلتهم اعتمادًا على ما لديهم من قوة الإيمان والثقة بنصر الله (والله) الذي قضت سنته في خلقه أن يجعل الغلبة في جانب القوة (يؤيد بنصره) في النتيجة (من يشاء) فاعل يشاء عائد إلى من يشاء النصر من عباده بسلوك السبل المؤدية إليه دون الاعتماد على مجرد القوى المادية التي لا تعدو أن تكون مجرد وسائل للنصر عادة قد تخطيء وقد تصيب، إذ الغلبة في الواقع ما هي إلا بإذن الله الواحد القهار، ولولا ذلك لما أقدمت الأقلية على مقاتلة الأكثرية في يوم من الأيام (إن في ذلك) أي تأييد الله لمن يشاء تأييده من العباد ولو كانوا في منتهى الضعف والقلة (لعبرة) وموعظة (لأولي الأبصار) النيرة التي تخترق ما وراء السجف بقوة التأمل والتفكير، فتلمس القدرة الإلهية وهي تعمل لنصر الضعيف على القوي بطرق وأسباب لم تكن في الحسبان، وهذا ما يحتم عليها الإيمان بقوة الله وعظم سلطانه.
وتجعلنا نثق بنصر الله لنا أكثر من ثقتنا بمعداتنا وقوتنا ما دمنا متبعين لدستوره الذي سنة لنا والذي يقضي بأننا إذ نشكو تألب خصومنا علينا، ونريد لأنفسنا النصر، فمن واجبنا أن نتبع السبيل الذي رسمه لنا ديننا، لنضمن لأنفسنا النصر على أعدائنا، فالله سبحانه وتعالى الذي أمر المؤمنين بالأخذ بأسباب القوة أمرهم بأن لا يجعلوا اعتمادهم عليها لنيل النصر، بل لمجرد إرهاب الخصوم، على حد قولنا، الاستعداد للحرب يمنع الحرب حيث قال «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم» وأما النصر فإنه لا يكون في الواقع إلا بمحض
النفس وكرامتها ﴿وإن تصبروا﴾ على الابتلاء فيما مر من المواقف ﴿وتتقوا﴾ الله وتراقبوه فتوقنوا بأن ما عندكم من مال فهو من عند الله يجب ألا تضنوا به على عباده وأن ما يصيبكم من ابتلاء في النفس فهو من الله فلا يصح أن تجزعوا منه فإن لله ما أعطى وله ما أخذ وأن الله الذي منحكم الحياة قد أمركم بالصبر على المكاره فعليكم أن تحتملوا كل شيء في سبيل مرضاته ﴿فإن ذلك﴾ أي الصبر والتقوى ﴿من عزم الأمور﴾ من الأمور التي يجب توطين النفوس عليها، إذ أن الابتلاء من الله حاصل لا محالة ومقاومة قضاء الله لا تجدي نفعًا.
بعد أن أوجب الله على رسوله والمؤمنين في الآية السابقة احتمال ما يستمعون من أذى من أهل الكتاب أخبره جل شأنه أن من جملة إيذائهم له كتمانهم لما في التوراة والإنجيل من الدلائل الواردة لإثبات نبوته حيث قال ﴿وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب﴾ بلسان أنبيائهم والكتاب يشمل جميع الكتب السماوية بما فيها القرآن الكريم، وذلك الميثاق هو ﴿لتبيننه﴾ أي الكتاب وقرئ "ليبيننه" "ولا يكتمونه" بياء الغائب بدل تاء الخطاب في الموضعين ﴿للناس﴾ على حقيقته لتوضيح معانيه ومقاصده التي أنزل من أجلها ﴿ولا تكتمونه﴾ بعدم نشره ودعوة الناس إلى الاهتداء بهديه ﴿فنبذوه﴾ تركوا ذلك الكتاب ﴿وراء ظهورهم﴾ فلم يحرصوا على بيان مقاصده ومراميه ولم يجعلوا منه قبسًا للدعوة إلى دين الله وعمادًا ونورًا لأعمالهم في الحياة ﴿واشتروا به ثمنا قليلا﴾ اتخذوا من آياته سلعًا يتاجرون بها ويؤولونها ويصرفونها إلى معان أخرى لا تتفق مع مقاصد الآيات تأييدًا لمقاصد الحكام أو إرضاء للعامة والأغنياء طمعًا في المال والجاه ﴿فبئس ما يشترون﴾ من عرض زائل حقير، ولو أنهم عملوا على نشر الكتاب وإرشاد الناس به إلى ما يقوم أخلاقهم ويجمع كلمتهم ويحول دونهم ودون الرضا بالاستعباد والخضوع لغير الله وأمروا الناس بالعمل به واتباع أحكامه لأفادوا واستفادوا ونالوا السعادة في الدنيا والآخرة ﴿لا تحسبن﴾ وقرئ "يحسبن" بالياء بدل التاء ﴿الذين يفرحون﴾ فرح بطر وغرور وخيلاء ﴿بما أتوا﴾ وقرئ "آتوا" من نبذ كتاب الله والاتجار بآياته أو حتى ما قدموا من خير ﴿ويحبون أن يحمدوا﴾ ويعظم قدرهم بوصفهم من طائفة العلماء الذين هم ورثة الأنبياء ﴿بما لم يفعلوا﴾ من خير للناس أو هداية لدين الله كما هو واجبهم، وقد كانت غايتهم في الحياة إشباع شهواتهم من الظهور بمظهر العلماء والعظماء ﴿فلا تحسبنهم﴾ وقرئ "يحسبنهم" بالياء بدل التاء كما قرئ بفتح الياء وضمها في قراءة الياء ﴿بمفازة﴾ تطلق على
منها ما رواء أحمد والشيخان وأصحاب السنن الثلاثة من أن النبي ﷺ يوم ذات الرقاع صلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائمًا فأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بها الركعة التي بقيت من صلاته فأتموا لأنفسهم فسلم بهم. وما رواه أحمد والشيخان أيضًا عن ابن عمر أن النبي ﷺ صلى بإحدى الطائفتين ركعة والطائفة الأخرى مواجهة للعدو ثم انصرفوا وقاموا في مقام أصحابهم مقبلين على العدو وجاء أولئك ثم صلى بهم النبي ﷺ ركعة ثم قضي هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة. ويفهم من هذا ضرورة الإتيان بالركعة الثانية بأحد الكيفيتين كما فهم من هذه الآية ضرورة الحرص على صلاة الجماعة حتى في حالة الحرب ولا حال الصلاة يعوقكم عن حمل السلاح ﴿ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر﴾ يصعب عليكم معه حمل السلاح وقد يفسد ماءه سلاحكم ﴿أو كنتم مرضى﴾ بأجسامكم ﴿أن تضعوا أسلحتكم﴾ ساعة الصلاة ﴿وخذوا حذركم﴾ أي مع دوام اتخاذ الحذر ﴿إن الله أعد للكافرين عذابًا مهينًا﴾ في الآخرة فلا تقصروا في واجب الاستعداد لاتقاء أذاهم في الدنيا والحذر من مكائدهم اعتمادًا على حراسة الله لكم باعتباركم جنوده ﴿فإذا قضيتم الصلاة﴾ أي أتممتموها في حال السفر أو الخوف ﴿فاذكروا الله قيامًا وقعوًا وعلى جنوبكم﴾ أي أكثروا من ذكر الله في كافة الأوقات وجميع الأحوال بمعنى لا يشغلنكم الأخذ بأسباب القتال عن طلب العون والنصر من الله الذي لا يملكه أحد سواه ﴿فإذا اطمأننتم﴾ بانتهاء السفر وزوال الخوف ﴿فأقيموا الصلاة﴾ كاملة كما فرضت عليكم بواجباتها وسننها ﴿إن الصلاة﴾ في حكم الله وبمقتضى حكمته تعالى ﴿كانت على المؤمنين كتابًا﴾ أي فرضًا ثابتًا كثبوت الكتاب في اللوح ﴿موقوتًا﴾ أي مرتبطًا بأوقات محددة لا بد من أدائها فيها على أي صورة من الصور. وليس معنى هذا أن تكتفوا في
ومنَّ الله عليهم بها ولم يؤاخذهم على أكثر الذنوب (وَ) اعلم أيضا (إِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) ومن أجل هذا أعد الله لهم العذاب ولولا فسقهم
<٦٥>
لما تولوا عن تقبل الهداية وطرق سبلها باستجابتهم لداعي العقل والوجدان (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ) القائم على أساس الهوى وتقليد الآباء (يَبْغُونَ) وقرئ تبغون بالتاء بدل الياء أي يؤثرونه على حكم الله إن هذا هو الضلال المبين (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا) عادلا لا يتطرق إليه الفساد والخلل ويكفل للناس سعادة الدارين وخير الحياتين (لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) بوجود الله ويؤمنون بدينه الحق ويذعنون بالحياة الأخرى وما فيها من حساب وعقاب.
بعد أن أمر الله نبيه بتولي الحكم بما أنزله تعالى عليه وحذره من فتنتهم له بمعسول الكلام في الآيات السابقة وأراد أن يعلم المؤمنين سبيل العزة فنهاهم عن الخضوع لحكم غير المسلمين فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بالله إلهاً واحداً له حق التشريع وهو أدرى بمصالح عباده (لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ) اختلف المفسرون ما المراد من الولاية فقال بعضهم إنها المحالفة والمصادقة وقال آخرون إنها بمعنى المودة وحسن المعاملة وكل هذا لا يتفق مع تعاليم الشريعة الإسلامية فقد عاهد الرسول اليهود ولم يمانع في مودة من عاهدنا، ومن رأى أن الأولياء جمع ولي وهو في اللغة النصير وكل من ولي أمر أحد فهو وليه يقال «الله وليك» أي حافظك وساهر عليك «وولي أمرك من يرعاك ويدير شؤونك» فيكون المعنى أن الله قد نهى المؤمنين عن قبول حماية اليهود والنصارى لهم والرضوخ لنفوذهم وسلطانهم والائتمار بأوامرهم والاعتماد على نصرتهم وحمايتهم والارتباط بعجلتهم في أحلاف عسكرية قد توجه ضد إخوانهم من المسلمين والسبب في هذا النهي هو ما وضحه الله بقوله (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) أي أنهم جبلوا على تنازع السلطة فيما بينهم فكل فريق منهم يحاول بسط سلطانه على الآخر وأن يكون واليا عليه وقد قال تعالى في آية أخرى في وصفهم (بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى) فأنتم أيها المؤمنون متى رضيتم أن تكونوا تحت حمايتهم وربطتم أنفسكم بعجلتهم فسوف يسخرونكم لأغراضهم ويستعمرون بلادكم ويستغلون منابع ثروتكم ويستعملونكم في حروب بعضهم لبعض
عليكم شيء من السيطرة وليس من حقي أن أعاتبكم على هذا التكذيب وإنما ﴿لكل نبأ﴾ من أنباء العذاب الذي أنذرتم به ﴿مستقر﴾ أي زمان أو مكان يثبت فيه أو تظهر حقيقته وتميز حقه من باطله فلا يبقى مجال لتكذيبه ﴿وسوف تعلمون﴾ أمره على ممر السنين والأيام. وقد تجلى لنا نبأ ما أخبر به الله في عصرنا هذا بأنواع العذاب التي لم تكن تخطر على بال من أنواع القنابل الذرية والهدروجينية والصواريخ الموجهة عبر القارات أجارنا الله منها.
بعد أن أمر الله رسوله بدعوة الناس إلى الإذعان له بالوحدانية بمختلف الوسائل، وأن يبين لهم مبلغ قدرته ليذكروا نعمه ويخافوا عقابه، وأخبره بتكذيب قومه بما أنذرهم به من عذاب، وأمره بإشعارهم بأنه لم يكن وكيلًا عليهم وأن ﴿لكل نبأ مستقر﴾؛ أخذ يعلمه طريقة من شأنها أن تطفئ نار الغضب في قلبه من خصومه ومخالفيه المعاندين فقال ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا﴾ أي يفيضون في الحديث عن آيات الله بغير علم دون أن يستفتوك في الأمر كأنما هم أدرى به منك. ويدخل ضمن هؤلاء بعض المقلدين الذين يبحثون في الدين على ضوء ما قاله مشايخهم لا على هدي كتاب الله وسنة رسوله اللذين هما أساس الشريعة الإسلامية. بل ويحرمون العمل بها بدعوى احتمال النسخ أو وجود معارض آخر علمه مشايخهم وخفي عنهم. ﴿فأعرض عنهم﴾ أي انصرف عنهم وأرهم عرض ظهرك ولا تقبل عليهم بوجهك إيذانًا منك لهم بأنك غير راضٍ عن تخرصاتهم، ولئلا يتخذوا من إصغائك لكلامهم دليلًا على موافقتك عليه ﴿حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ من شئون الدنيا فلا بأس حينئذ من أن تقبل عليهم بوجهك ليدركوا من عملك بأن البحث في شئون الدين إنما كان من اختصاصك، وما داموا قد تجاهلوا وجودك ولم يأخذوا عنك فلا محل لمشاركتك لهم في البحث. ﴿وإما ينسينك﴾ بكسر السين وقرئ بتشديدها ﴿الشيطان﴾ أمر الإعراض عنهم في أثناء الخوض في آياتنا ﴿فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين﴾ لأنفسهم باستعمال مواهبهم في غير ما خلقت له من التدبر في آيات الله أي فلا تجالسهم نهائيًا وقاطعهم مقاطعة تامة لعل في مقاطعتك لهم ما يحملهم على التردد إليك والرغبة في الاستفادة مما عندك ﴿وما على الذين يتقون﴾ الله في سرهم ﴿من حسابهم﴾ أي حساب من خاض في آيات الله ﴿من شيء﴾ ما داموا لم يشتركوا في الخوض معهم ولم يظهروا تأييدهم عليه ﴿ولكن﴾ الإعراض عنهم ومقاطعتهم إنما شرع ليكون ﴿ذكرى﴾ وتنبيهًا لهم على
وعلا من هذا العالم لأن العالم هو المخلوق المحدود والمعروف الجهة أما الله الخالق فغير محدود ولا معروف الجهة. ويمكننا أن نمثل لذلك ولله المثل الأعلى بأن صانعًا أوجد عدة صناديق من خشب وألقى بها في زاوية ما مما يملكه من أراض واسعة له ثم صنع كرسيًا من الحديد أكبر من تلك الصناديق ثم وضعه بالأعلى ثم استوى عليه فهل يفهم من هذا ما يحدد مكان الصانع وما الذي يمكن تحديده في هذه الحالة الكرسي والصناديق أم الصانع لها ولا شك أن قول الصانع للكرسي بأنه استوى عليه لا يقيده باستوائه عليه على الدوام كما لا يمكن أن يحدد موضع الصناديق بأكثر من أنها أسفل من كرسي الصانع دون باقي الجهات بالنسبة للفضاء الواسع فالله سبحانه بهذا الاعتبار أعلى من جميع المخلوقات ولا يمكن أن نتصور من قوله تعالى: ﴿ثم استوى على العرش﴾ أنه اتخذ من ذلك العرش محل إقامة دائمة له أخذ على نفسه أن لا يبرحه أبدًا خصوصًا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مضى شطر الليل أو ثلثه ينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول هل من سائل فيعطى. هل من داع فيستجاب له حتى ينفجر الصبح» فهو سبحانه يفعل ما يشاء لا معارض له كما لا يمكن أن نفهم من استوائه تعالى على عرشه استواء يشبه الملوك على عروشهم لأن الله تعالى ليس بشخصية مادية حتى يكون استواؤه كاستواء المخلوقين ونحن لا نعلم صفة ذلك العرش حتى نعلم كيفية استوائه عليه أو نزوله منه فلا يسعنا إلا أن نثبت لله الاستواء والنزول ولا نكيف هذا بل نقول إنه ليس كاستواء المخلوقين ونزولهم لأنه ليس كمثله شيء بل استواء ونزولًا لائقين بجلال الله وعظمته كما أنه لا يجوز لنا أن نؤول استواءه على العرش بالاستيلاء عليه كما يقول علماء الخلف لأن الله جل وعلا مسئول على كل شيء لا على العرش وحده. دون باقي الأشياء. ﴿يغشى﴾ بتخفيف الشين وقرئ بتشديدها غشي الشيء لحقه وغطاه ﴿الليل النهار﴾ يغطي نوره ﴿يطلبه حثيثًا﴾ أي يعقبه سريعًا وهذا الطلب السريع يظهر جليًا بما ثبت من كروية الأرض ودوران محورها تحت الشمس فيكون نصفها مضيئًا بنورها دائمًا والنصف الآخر مظلمًا دائمًا ﴿والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره﴾ بنصب هذه الكلمات جميعها وقرئ برفعها أي كلها تسير وفق نظام دقيق وضعه الله ولا تخرج عنه ﴿ألا له الخلق والأمر﴾ أي أنه تعالى هو الخالق لجميع الموجودات والمسير لها بحسن تدبيره ووفق نظام مشيئته ﴿تبارك الله رب العالمين﴾ أي تزايدت وعظمت بركات الله التي تستحق الشكر والعبادة.
الآراء بحيث يكون المقلد متبعًا لرسول الله ﷺ لا لمجرد ما ظهر للأئمة الذين لم يأمروا الناس باتباعهم ولم ينزهوا أنفسهم عن الخطأ بل كانوا يقولون إذ صح الحديث فهو مذهبي وارموا بقولي عرض الحائط وهؤلاء في نظري أقل خطرًا من جماعة من العلماء الذين ينتسبون إلى المذاهب الأربعة ويقرون الشرك بدعاء غير الله في الشدائد والنائبات ويحاربون من يدعو إلى التوحيد وإخلاص العبادة لله ويوجبون على الناس تقليد مشايخهم فيما يرونه من فروع الأحكام تقليدًا أعمى بزعم أنهم أعلم من سائر البشر في هذا العصر فلا بد أن يكونوا على صواب دائمًا وفي كل شيء الأمر الذي أدى إلى اختلاف المسلمين في كل شيء حتى في مواعيد صومهم وأعيادهم وحتى في الأمور التافهة وجعلهم شيعًا تتحكم فيهم الأهواء فلا يستطيع أحد أن يجهر بحق يتبين له ولم يسمع به من قبل حتى ينبري للرد عليه جماعة من أصحاب الأفكار الضيقة ويرمونه بالضلال والانحراف والخروج عن إجماع المسلمين بحسب عقليتهم ويصدق على أمثال هؤلاء قول الشاعر:
@وكم من عائب قولًا صحيحًا
#وآفته من الفهم السقيم
بينما هم لا يبالون بما شاع في هذا العصر من الإلحاد وسب الدين والطعن في الإسلام وما فشا من المنكرات والمبادئ الهدامة على مسمع ومرأى منهم ولم نسمع لهم كلمة ولا مؤلفًا في هذا الخصوص، ألا فليتق الله أمثال أولئك وهؤلاء وليعلموا أنه لا يصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها وأنه لا يمكن أن تقوم لنا قائمة ويتم لنا عز ولا سلطان إلا بالرجوع إلى الله والتمسك بدينه الحق وتجنب الخلاف وكل ما يؤدي إليه وأن الواجب يقضي علينا أن نفهم الإسلام فهمًا صحيحًا معقولًا حتى نستطيع إقناع الناس بفضائله ونحملهم على اعتناقه لا أن نظل جامدين عند الحد الذي فهمه به المتقدمون ونأبى مجاراة العقل في نضجه والعلم في تقدمه وأن نجعل رضاء الله غايتنا والحكمة ضالتنا أينما وجدناها التقطناها والله ولي التوفيق.
بعد أن أملى الله على رسوله أعظم ركن من أركان التوحيد وهو التفريق بين مقام الربوبية ومقام الرسالة وأمره أن يعلن للناس أنه بشر كسائر البشر ولا يتميز عنهم بغير الرسالة وأنه لم يكن إلا نذيرًا لا يملك نفع نفسه فضلًا عن غيره ولا علم له بالأمور الغيبية أخذ يستعرض حالة البشر
للعذاب الأليم: ﴿فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم﴾ ويقال لهم: ﴿هذا﴾ المال: ﴿ما كنزتم لأنفسكم﴾ وانفردتم بمتاعه في الدنيا قد حمي عليه اليوم وأعد لعذابكم: ﴿فذوقوا﴾ وبال: ﴿ما كنتم تكنزون﴾.
٥ - المحافظة على ما سنه الله للشهور من أحكام وعدم تجاوز ذلك بتبديل أو تغيير في أحكامه حيث قال: ﴿إن عدة الشهور﴾ التي تتألف منها السنة القمرية: ﴿اثنا عشر شهرًا﴾ يبدأ كل شهر بمولد هلاله أي ويمكن العلم به بالرؤية البصرية للأميين والمتعلمين في البدو والحضر على السواء: ﴿في كتاب الله﴾ الذي أثبت فيه نظام سير القمر وتقديره منازل ليعلم بذلك عدد السنين والحساب ومن هذا يعلم أن ميلاد هلال الأشهر القمرية لا بد وأن يكون في ليلة واحدة في سائر الأقطار كالأشهر الشمسية تمامًا فلا يمكن أن يكون أول شهر رمضان مثلًا في مكة غيره في سومطرا كما يقول القائلون باختلاف المطالع وإنما يجوز أن يحول دون رؤية الهلال عارض ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا» ويجب على من يره أن يصوم برؤية من رآه في بلد آخر كذلك يتعين الصوم بقول حاسب عالم بعلم الفلك لقوله ﷺ «إنما أنتم قوم أميون فإذا رأيتم الهلال فصوموا» وفهم من هذا أنه متى انتفت الأمية وجب الصوم بالحساب: ﴿يوم خلق السماوات والأرض﴾ فلا يمكن أن تختلف الأشهر ولا تختلف أسماؤها ومواعيدها وقضى ربك أن يكون: ﴿منها أربعة﴾ ثلاثة منها سرد وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وواحد فرد وهو رجب: ﴿حرم﴾ أي حرم القتال فيها على لسان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ونقلت العرب عنهما ذلك بالتواتر القولي والعملي وهي غير الأربعة الأشهر التي أعطى للمشركين الفرصة فيها لاعتناق دين الإسلام: ﴿ذلك﴾ أي تقسيمها إلى حرم وغير حرم وعدد الحرم منها: ﴿هو الدين القيم﴾ الذي يدان الله به: ﴿فلا تظلموا فيهن﴾ أي في الأشهر الحرم: ﴿أنفسكم﴾ بتغيير أو تبديل في أحكامها أو انتهاك حرمتها.
﴿وقاتلوا المشركين﴾ الذين لا يعترفون بحرمتها: ﴿كافة﴾ أي جميعًا في جميع أشهر العام الاثنى عشر: ﴿كما يقاتلونكم كافة﴾ أي كما يقاتلونكم جميعًا فيها مقابلة بالمثل: ﴿واعلموا أن الله مع المتقين﴾ الذين يخافون عواقب الخروج على أحكام الله: ﴿إنما النسيء﴾ أي تأخير حرمة بعض الأشهر الحرم إلى غيرها مما كانت تفعله العرب في الجاهلية إذا جاءهم شهر حرام وهم محاربون
نفسه في دنياه وآخرته حتى تنفع غيره، والدين لم يفرض علينا إثبات الكرامة لشخص بعينه عدا من كرمه الله في كتابه ولم يسمح لنا بتقليدهم واتباعهم إلا في حدود ما أمر الله به من العبادات وقد عرف الله لنا أولياءه الصالحين بما يسهل لكل إنسان أن يعتبر نفسه من عدادهم بقوله: ﴿إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلًا من غفور رحيم ومن أحسن قولًا ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين﴾ وبمقتضى هذه الآيات فإنك أيها القارئ الكريم إذ تؤمن بالله وتثق بصدق هذه الآيات يجب أن لا يداخلك أي شك في أن في استطاعتك أنت أن تكون من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وأن تنال سعادة الدنيا والآخرة متى آمنت بالله واستقمت في عملك بمعنى طبقت دستور الله في حياتك وحرصت على اتباع كل ما فيه رضاء ربك والابتعاد عما يغضبه بقدر المستطاع وحذار أن نخدع بمن يزعمون لأنفسهم شيئًا من الكرامات أو العلم بالمغيبات ولا تؤمل في أحد منهم شيئًا من المدد والنفحات أو قضاء الحاجات ولا يداخلك أي شك في أن الإنسان إذا قري إيمانه بالله حقق له سبحانه جميع الرغبات ولو كانت من خوارق العادات. وكان ممن قال الله في حقهم: ﴿لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة﴾ البشرى: الخير السار الذي تنبسط به بشرة الوجه وتبرز أساريره وقد بين الله هذه البشرى في مواضع كثيرة من القرآن منها قوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانًا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم﴾ ومنها قوله: ﴿إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلًا من غفور رحيم﴾.
﴿لا تبديل لكلمات الله﴾ أي لا تغيير ولا خلف فيما قطعه الله على ذاته العلية من وعد لا يمكن أن يخلفه الله: ﴿ذلك﴾ أي ما ذكر من هذه البشارات وسعادة الدارين: ﴿هو الفوز العظيم﴾ الذي لا يعلوه فوز وهو ثمرة الإيمان الصحيح.
كان أساسها الغيرة التي دبت في قلوب إخوة يوسف من عطف أبيهم عليه نظرًا لصغر سنه: ﴿إذ قالوا﴾ أي بعضهم لبعض: ﴿ليوسف وأخوه﴾ الشقيق بنيامين: ﴿أحب إلى أبينا منا﴾ فهو يفضلهما علينا بميزة من الحب على صغر سنهما وعدم قدرتهما على عونه بينما نحن أشداء أقوياء نؤدي له كل ما يحتاج إليه من خدمات: ﴿ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين﴾ إذ يفضل غلامين صغيرين من ولده على العصبة أولي القوة وهذا منهم هو الضلال بعينه فمحبة الوالدين لأبنائهما لا تقوم على أساس المنافع المادية بل على ما أودعه الله في قلبيهما من الرحمة والشفقة. فقد قيل لوالد خبير أي أولادك أحب إليك فأجاب: الصغير حتى يكبر والمريض حتى يشفى، والفقير حتى يغنى، والغائب حتى يعود. وهنا بدؤوا التشاور فيما بينهم في أمره فقال فريق منهم: ﴿اقتلوا يوسف﴾ قتلًا تطمئنون على فنائه: ﴿أو اطرحوه أرضًا﴾ أي في أرض مجهولة بعيدة عن منازلنا أو عن العمران بحيث يكون عرضة لافتراس السباع له ولا يستطيع أن يهتدي إلى العودة إلى أبيه فيما إذا سلم من الهلاك: ﴿يخل لكم وجه أبيكم﴾ أي أنه عندما يفقد ولده ويحس بلوعة الحزن عليه لا يجد له سلوى غيرنا فيتعلق قلبه بمحبتنا: ﴿وتكونوا من بعده﴾ أي من بعد يوسف: ﴿قومًا صالحين﴾ إذ تنعمون بمحبة أبيكم ورضائه عنكم الذي في رضائه رضاء الله: ﴿قال قائل منهم﴾ وكان أرحمهم إذ هو لم يوافق على القتل وما يؤدي إليه واقترح اللجوء إلى وسيلة تؤدي الغرض المطلوب من إبعاده مع استبقائه على قيد الحياة وهي: ﴿لا تقتلوا يوسف﴾ ولا تجعلوه عرضة لافتراس السباع: ﴿وألقوه في غيابة الجب﴾ الجب البئر غير المبنية من داخلها بالحجارة وغيابته حفرة في أسفله فوق سطح الماء يدخلها من يدلي فيه لإخراج شيء وقع فيه أو إصلاح خلل عرض له ولعله كان معلومًا لديهم بدليل قولهم: ﴿يلتقطه بعض السيارة﴾ أي جماعة من المسافرين الذين يرتادون ذلك المكان فيأخذوه إلى جهات نائية تبعده تمامًا عن أبيه: ﴿إن كنتم فاعلين﴾ أي إن كان ولا بد من إبعاده عن وجه أبيكم ولم يكن لكم غاية في قتله، فوافق الجميع على هذا الرأي وبدؤوا بتنفيذ الخطة فأقبلوا على أبيهم متظاهرين بالود لأخيهم كأنهم يستجلبون عطفه بحب الترفيه عمن يحب: ﴿قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف﴾ أي كم أنت خائف على يوسف حتى أنك لم تأمنا عليه: ﴿وإنا له لناصحون﴾ أي والحال إنا نخصه بالنصح والإرشاد إلى ما فيه نفعه والوقاية مما يضره: ﴿أرسله معنا غدًا﴾ أثناء ذهابنا لرعي الأغنام في
ذريتي} أي بعضهم: ﴿بواد﴾ وهو الأرض المنفرجة بين الجبال أو الآكام: ﴿غير ذي زرع﴾ أي لا يصلح للزرع باعتباره منفذًا للسيول التي تصب من الجبال: ﴿عند بيتك﴾ أي إلى جوار وبالقرب من بيتك: ﴿المحرم﴾ أي الذي حرم التعرض له والتهاون به وجعل ما حوله حرمًا لمكانته فلم يزل ممتنعًا عزيزًا يهابه كل جبار: ﴿ربنا ليقيموا الصلاة﴾ أي وإنما اخترت إسكانهم في هذه البقعة القاحلة من الزرع والقريبة من بيتك لئلا تشغلهم الدنيا عن عبادتك بل يتفرغوا لإقامة الصلاة عنده: ﴿فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم﴾ أي اجعل قلوب بعض الناس الذين هم بمثابة القلوب الواعية من البشر ويعني المؤمنين منهم مائلة إليهم بالعطف والحب والرغبة في مساكنهم وتوفير أسباب السعادة والهناء لهم، قال مجاهد لو قال إبراهيم أفئدة الناس لازدحمت عليه فارس والروم وقال سعيد بن جبير لو قال أفئدة الناس لجنحت إليه اليهود والنصارى والمجوس ولكنه قال أفئدة من الناس فحضر منهم المسلمون: ﴿وارزقهم من الثمرات﴾ أي ارزق ذريتي الذين أسكنتهم هناك ليقيموا الصلاة من أنواع الأثمار بأن تحيي إليهم ذلك من سائر الأقطار وقد يؤخذ من هذا أن المؤدين لفريضة الحج إنما هم بمثابة الثمار من السلالة البشرية الذين يدفعهم الإيمان بالله إلى الترفيه عن جيران بيته بما ينفقونه هنالك من الأموال وما يقدمونه لهم من أنواع الخدمات والمساعدات: ﴿لعلهم يشكرون﴾ الله بأن يدعو الناس بدعوة إبراهيم إلى التوحيد الخالص من شوائب الشرك ولذلك كان الرسول ﷺ يقابل الوفود في مكة ويدعوهم بدعوة التوحيد ويسرنا أن يفكر جلالة الملك سعود أيده الله في أداء هذا الواجب حيث قرر فتح الجامعة الإسلامية بمدينة الرسول واختار لها مدرسين من أكابر علماء الأمصار لبث العقيدة الصحيحة التي يجمع عليها المسلمون وغرس محبة الله والخوف منه في القلوب ودعا المسلمين عامة إلى ابتعاث أبنائهم إليها.: ﴿ربنا إنك تعلم ما نخفي﴾ في قلوبنا: ﴿وما نعلن﴾ بألسنتنا من حسن القصد في إسكان بعض ذريتي في هذا الوادي، والغاية من دعائي لهم بما دعوت وهي أن يقوموا بواجب شكرك: ﴿وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء﴾ أي فأنت أدرى بأحوالهم وماذا سيكون منهم فيما بعد ولا شأن لي بذلك فأمرهم مفوض إليك: ﴿الحمد لله الذي وهب لي على الكبر﴾ أي في حال يأسي من الولد لكبر سني: ﴿إسماعيل وإسحاق﴾ نتيجة لسابق دعائي حيث كان إبراهيم يقول: ﴿رب هب لي من الصالحين﴾: ﴿إن ربي لسميع الدعاء﴾ أي إن الله وحده هو
عارضة وكلاهما لا يؤمن ضرره: ﴿والدم﴾ المسفوح لأنه قذر تعافه النفس: ﴿ولحم الخنزير﴾ لأنه ضار لا سيما في البلاد الحارة: ﴿وما أهل لغير الله به﴾ أي ما قصد ذبحه للتقرب به لغير الله، ذلك لأن الله هو خالق الأنعام وهو الذي أباح ذبحها لمنفعة الإنسان فلا يجوز أن تذبح للتقرب بها إلى غيره: ﴿فمن اضطر﴾ إلى أكل شيء من ذلك بأن لم يجد ما يسد به رمقه سواه أو أكره على أكله: ﴿غير باغ﴾ أي قاصد به العصيان: ﴿ولا عاد﴾ أي ولم يتجاوز الحد الذي اضطر إليه: ﴿فإن الله غفور﴾ لمن كان هذا شأنه: ﴿رحيم﴾ به فلا يعجزه أن يقيه من الضرر الذي ينشأ من أكله في حال الاضطرار، وعلى ذكر حصر المحرمات فيما ذكر نهى الله الناس عن التحريم والتحليل بأهوائهم في كل شيء وقال: ﴿ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام﴾ أي لا تحرموا وتحللوا من الأنعام وغيرها وما اتصف بصفات تخترعونها كالبحيرة والسائبة والوصيلة والحام من الصفات التي ما أنزل الله بها من سلطان: ﴿لتفتروا على الله الكذب﴾ أي لتنسبوا ذلك إليه تعالى وتزعموا أنه هو الذي حرم هذا: ﴿إن الذين يفترون على الله الكذب﴾ بما يفرضونه لأنفسهم من سلطان على الناس وما ينسبونه إليه من أحكام: ﴿لا يفلحون﴾ فيما يفترون أي لا ينجحون ولا ينطلي كذبهم على العقلاء فالكذب على غير الله قد ينطلي على الناس أما على الله فلا سبيل إلى تصديقه إلا إذا كان مدعمًا بما أنزله تعالى من الكتب السماوية وليس فيها شيء مما يزعمون: ﴿متاع قليل﴾ ينالونه في الدنيا من وراء ما يحرمون وما يحللون من أمور لا دليل عليها من كتاب الله وسنة رسوله: ﴿ولهم﴾ في الآخرة: ﴿عذاب أليم﴾ على ما صدر منهم من الافتراء على الله: ﴿وعلى الذين هادوا﴾ أي اليهود دون غيرهم من الأولين: ﴿حرمنا﴾ بعض الطيبات التي لا ضرر فيها عقابًا لهم على ما كانوا يرتكبون من ظلم حيث قال تعالى: ﴿فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرًا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابًا أليمًا﴾ وهو: ﴿ما قصصنا عليك من قبل﴾ أي في سورة الأنعام من قوله: ﴿وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون﴾ والمعنى أن تحريم الطيبات على اليهود لم يكن إلا عقوبة لهم في الدنيا: ﴿وما ظلمناهم﴾ بتحريم الطيبات عليهم: ﴿ولكن كانوا أنفسهم يظلمون﴾ أي ولكنهم
نفسه في دنياه وآخرته حتى تنفع غيره، والدين لم يفرض علينا إثبات الكرامة لشخص بعينه عدا من كرمه الله في كتابه ولم يسمح لنا بتقليدهم واتباعهم إلا في حدود ما أمر الله به من العبادات وقد عرف الله لنا أولياءه الصالحين بما يسهل لكل إنسان أن يعتبر نفسه من عدادهم بقوله: ﴿إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلًا من غفور رحيم ومن أحسن قولًا ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين﴾ وبمقتضى هذه الآيات فإنك أيها القارئ الكريم إذ تؤمن بالله وتثق بصدق هذه الآيات يجب أن لا يداخلك أي شك في أن في استطاعتك أنت أن تكون من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وأن تنال سعادة الدنيا والآخرة متى آمنت بالله واستقمت في عملك بمعنى طبقت دستور الله في حياتك وحرصت على اتباع كل ما فيه رضاء ربك والابتعاد عما يغضبه بقدر المستطاع وحذار أن نخدع بمن يزعمون لأنفسهم شيئًا من الكرامات أو العلم بالمغيبات ولا تؤمل في أحد منهم شيئًا من المدد والنفحات أو قضاء الحاجات ولا يداخلك أي شك في أن الإنسان إذا قري إيمانه بالله حقق له سبحانه جميع الرغبات ولو كانت من خوارق العادات. وكان ممن قال الله في حقهم: ﴿لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة﴾ البشرى: الخير السار الذي تنبسط به بشرة الوجه وتبرز أساريره وقد بين الله هذه البشرى في مواضع كثيرة من القرآن منها قوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانًا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم﴾ ومنها قوله: ﴿إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلًا من غفور رحيم﴾.
﴿لا تبديل لكلمات الله﴾ أي لا تغيير ولا خلف فيما قطعه الله على ذاته العلية من وعد لا يمكن أن يخلفه الله: ﴿ذلك﴾ أي ما ذكر من هذه البشارات وسعادة الدارين: ﴿هو الفوز العظيم﴾ الذي لا يعلوه فوز وهو ثمرة الإيمان الصحيح.
سورة الحشر
إخراج اليهود من المدينة
دسائس اليهود
حكم الفيء
تقسيم أموال الفيء
وصف الأنصار
وصف المهاجرين
وصف المنافقين
مثل المنافق كالشيطان
التقوى ومحاسبة النفس
تأثر القرآن في سامعيه
بعض أسماء الله وصفاته
سورة الممتحنة
قصة حاطب بن أبي بلتعة
النهي عن موالاة أعداء الله
التأسي بإبراهيم وقومه
مقاطعة المؤمنين للمشركين
البر بالمستضعفين من الكفار
معاداة المعتدين من الكفار
امتحان المؤمنات
استثناء المؤمنات من معاهدة الحديبية
حرمة المؤمنة على زوجها الكافر والعكس واسترداد المهر
الشروط في بيعة النساء
عدم موالاة منكري البعث
آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} وهؤلاء هم الشاكرون حقًّا وقد وعدهم الله وعدًا صادقًا لا يخلفه أنهم في الآخرة: ﴿يشربون من كأس كان مزاجها﴾ أي ما فيها ممتزج: ﴿كافورًا﴾ وهو نبت طيب شديد البياض: ﴿عينًا﴾ أي يملئون تلك الكؤوس من عين: ﴿يشرب بها عباد الله﴾ أي خصصت لشرب عباد الله، الذين اتصفوا بصفات ثلاث جاء ذكرهم بعد قوله تعالى: ﴿يفجرونها﴾ فجر الماء فتح له منفذًا أو طريقًا إلى حيث يشاء: ﴿تفجيرًا﴾ أي من كل صوب لاستكمال رفاهيتهم: ﴿يوفون بالنذر﴾ هذا أول وصف لعباد الله وهم الذين كانوا في حياتهم الدنيا لا يكتفون بما فرض الله عليهم من العبادات بل يتجاوزونها إلى ما أوجبوه على أنفسهم من الطاعات بمعنى يرجون رحمته أما الوصف الثاني فهو خوف الله إذ قال: ﴿ويخافون يومًا كان شره﴾ بحسب ما أنذروا به: ﴿مستطيرًا﴾ أي يصير طائرًا منتشرًا بمعنى أن أمره لم يعد خافيًا على أحد وأما الوصف الثالث فهو العمل لمرضاته إذ قال: ﴿ويطعمون الطعام﴾ الذي هو قوام الأبدان ولا حياة إلا به ويشمل ذلك الإحسان بجميع أنواع الأموال: ﴿على حبه﴾ أي مع أنه محبوب لديهم أو في حال حبهم له من فرط حاجتهم إليه: ﴿مسكينًا﴾ وهو العاجز عن الكسب: ﴿ويتيمًا﴾ وهو الذي مات كاسبه وهو صغير السن فبقي عاجزًا عن الكسب: ﴿وأسيرًا﴾ وهو المقبوض عليه في ساحة الحرب ويعني بذلك المملوك رقبته ويشمل الغريم لقوله ﷺ «غريمك أسيرك فأحسن إلى أسيرك» ومطلق السجين الذي لا يملك لنفسه نصرًا ولا حيلة: ﴿إنما نطعمكم لوجه الله﴾ هذا بيان وكشف من الله عما يعلمه تعالى من اعتقادهم وصحة نيتهم في أثناء إطعامهم الطعام وإن لم يقولوا ذلك فكأنما لسان حالهم يقول إنا لا نقصد بالإطعام المنة والفخر والرياء والأسر: ﴿لا نريد منكم جزاء﴾ عوضًا أو مكافأة على ما قدمناه لكم: ﴿ولا شكورًا﴾ أي ولا نطمع حتى في شكركم لنا فأي قيمة للشكر إلى جانب ما منّ الله علينا من نعم مادية أنفقناها في سبيله ونرجو ثوابها عنده تعالى أضعافًا مضاعفة. وقد رُوِيَ أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت إذا تصدقت بصدقة ودعا لها المتصدق عليه بدعوة دعت له بمثلها ليبقى لها ثوابها خالصًا.
السورة مصيرهم المحتوم في الآخرة إذا لم يقلعوا عن ذلك بتطبيق دستور الله في كونه فقال: ﴿وَالْعَصْرِ﴾ وهو الزمان الذي يعيش الناس فيه في حياتهم فكأنه يقسم جل وعلا بحياة الناس على صحة ما يقرره بقوله: ﴿إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ خسر ضد ربح: نقص ماله أو ضياعه أي أن الإنسان بفطرته التي فطر عليها من حب المال وعبادة المادة وعدم اعتباره ذلك نعمة من الله التي يسأل عنها خاسر في عمله إذا هو لم يسر وفق هدي الله،: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بأن الله هو وحده خالق الخلق ومصدر جميع النعم: ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ وهي كل ما يقيد به الإنسان نفسه وغيره قياماً بواجب شكر الله ورغبة في نيل رضاه: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ﴾ أي أن يحث كل مؤمن أخاه على أن يجعل الحق رائده في كل شيء ويحمله على الأخذ به فلا يكذب ولا يظلم ولا يداهن ولا يحابي مهما كلفه ذلك من مشقات وآلام: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ أي أن يوصي المؤمنون بعضهم بعضا على احتمال ما قد يصيبهم من أذى في سبيل الجهر بالحق أو ما قد يحرمونه من لذائذ الحياة التي لم تيسر لهم عن طريق مشروع ابتغاء مرضاة الله وطاعة لأمره جل وعلا فمن توفرت فيه هذه الخصال الأربعة فإنه يعد رابحاً بعمله ناجحاً في مسعاه بعيداً عن القوم الخاسرين.
سورة الهمزة
مكية عدد آياتها تسع

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ (١) الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ (٢) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (٣) كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ (٧) إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ (٩)﴾
سورة الهمزة: بعد أن أكد الله في السورة السابقة خسران الإنسان بفطرته التي تدعوه إلى التكالب على المادة وعبادتها من دون الله ولا سبيل إلى نجاحه إلا باتباع أوامره تعالى التي سردها أخذ يحذره في هذه السورة من شر مستطير وداء عضال يسري في نفس الإنسان نتيجة لجمعه الأموال المؤدي إلى التقاطع والتنافر وبغض الإنسان لأخيه الإنسان وهو ما يسمى ببطر الغنى وقد استعاذ النبي ﷺ منه في دعائه وقال عنه تعالى: ﴿وَيْلٌ﴾ الويل حلول الشر والهلاك ويدعى به لمن وقع في هلكة يستحقها: ﴿لِّكُلِّ هُمَزَةٍ﴾ الهامز من يعيب الناس ويطعن فيهم في غيبتهم: ﴿لُّمَزَةٍ﴾


الصفحة التالية
Icon