الكتاب} من الإسرائيليين، ﴿ولا المشركين﴾ من غيرهم، ﴿أن ينزل عليكم من خير من ربكم﴾ ولكن الله سبحانه وتعالى قد منَّ عليكم بأعظم الخيرات وهو القرآن لأنه النظام الكامل، والهداية العظمى التي وحدت شعوبكم، وهذبت نفوسكم، وأعلت كلمتكم، ورقت مدارككم، وأزالت الحقد والضغائن من بينكم ﴿والله يختص برحمته من يشاء﴾ فاعل يشاء عائد إلى أقرب مذكور وهو العبد لا إلى الله كما جرى عليه سائر المفسرين، والمعنى أن دستور الله يقضي بأن الله يختص برحمته كل من يشاؤها بطلبها ورجائها، وتلمس مقتضياتها، من الخوف والندم وحسن النية، وشيء من صالح العمل بحيث يكون أهلًا لها إذ يقول تعالى: ﴿ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم يآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي﴾ ﴿والله ذو الفضل العظيم﴾ يغفر الزلات ويضاعف الحسنات. قال تعالى في الحديث القدسي: «يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي. يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي يا ابن آدم لو أتيتني بتراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بترابها مغفرة». ويحسن بنا في هذا المقام أن نذكر أن المفسرين قد خلطوا بين مشيئة الله وإرادته، ولم يفرقوا بين قضائه وقدره، وأمره وعلمه، متأثرين في ذلك بما جرى عليه واضعوا كتب اللغة في دلالة الكلمات على عدة معان، وترادف بعضها لبعض. فأساؤوا فهم معنى القضاء والقدر، وترتب على هذا انقسام الناس إلى عدة فرق كالجبرية والقدرية وغيرهم ممن يقولون: بأن الإنسان في هذه الحياة ميسر وفق ما قدره الله عليه في الأزل، وسبق به علمه، وجرى به قلمه، من طاعة وعصيان، وسعادة وشقاء. ولا خيار ولا قدرة له البتة على اجتناب ما قدر عليه. حتى لقد قال قائلهم:
@إن السعيد لسعيد الأبد
#وعكسه الشقي لم يبدل
ولكني وأنا أتدبر آيات الله ظهر لي أنه إذا جاز لنا أن نأخذ بدلالة بعض الكلمات على عدة معان، وترادف بعضها لبعض في لغة التخاطب فيما بيننا، فإنه يجب أن نلاحظ أنه بالنسبة لكلام الله وأحكامه جل وعلا فلا بد أن يكون هناك فارق ولو بسيط في التمييز بين المعاني
من دفع كل إبهام يتطرق إلى الأذهان من أن الزوج لم يطلقها قبل الدخول بها إلا لأمر رابه منها ولهذا وكل الله أمر تقديره إلى أريحية المؤمنين ﴿وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم﴾ أي فمتعوهن بنصف المهر الذي فرضتموه لهن وإذا كن قد أخذنه فعليهن إرجاع نصفه ﴿إلا أن يعفون﴾ أي النساء المطلقات عن أخذ النصف كله أو بعضه ﴿أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح﴾ ويطلق على الولي المجبر بالنسبة لغير البالغة وعلى الزوج الذي بيده حلها، فكأنه يقول إلا أن يعفو ولي الصغيرة القاصرة عن نصف المهر أو يعفو الزوج عن المهر جميعه فلا يسترجع نصفه إن كان قد دفع الكل مقدمًا كما هي العادة ﴿وأن تعفوا﴾ أي وإن يكن العفو من قبلكم أنتم معشر الأزواج عن جميع المهر فذلك ﴿أقرب للتقوى﴾ لأن إلغاء العقد كان من جهتكم ولا دخل لهن فيه ﴿ولا تنسوا الفضل بينكم﴾ أي اذكروا ما تم بينكم من عقد الزوجية على أساس المودة والرحمة وحيث إنه طلب منكم أن تكونوا متفضلين بترك نصف المهر لهن فإن من تمام الفضل أن تتركوا النصف الباقي أيضًا ﴿إن الله بما تعملون بصير﴾ مطلع على ما أسديتموه إليهن من الفضل بقصد الإشفاق بهن وتسلية نفوسهن ابتغاء مرضاة الله.
بعد أن بين الله للناس طرفًا من الأحكام التي تتعلق بالأحوال الشخصية بما في ذلك أمر الزواج والطلاق مما هو متعلق بشؤون الدنيا أتبع ذلك بذكر الصلاة التي هي من وسائل الآخرة موجبًا عليهم التمسك بها وآداءها على وجهها الصحيح فقال ﴿حافظوا على الصلوات﴾ والمراد بها الصلوات الخمس فإنها بما فيها من قراءة وقيام وركوع وسجود تعبر عن الانقياد والطاعة وتذكر العبد بجلال الله ﴿والصلاة﴾ بالكسر وفي قراءة بالنصب ﴿الوسطى﴾ قيل هي التي بين الليل والنهار فتكون صلاة الصبح أو التي في وسط النهار فتكون صلاة الظهر أو بين الصلوات الخمس فتكون صلاة العصر ويلوح لي أن المراد منها الصلاة المعتدلة بين التطويل الممل والتقصير المخل
وقد كتبت إلى سيادته بتاريخ ١٤ – ٢ – ١٣٧٦ و ٢٠ – ٩ – ١٩٥٦ أبسط له هذه الحقائق من دستور الله وأرجوه أن يعمل إلى جانب الأخذ بأسباب القوة المادية على تقوية العقيدة الصحيحة ودعوة الناس إلى الرجوع إلى الله وتثبيت الإيمان في قلوب الشعب وبث روح التدين في نفوس أبنائه لتسمو الأخلاق وتمتنع الجرائم ويمده الله بمدده ويكلأه بعين عنايته ويكون له خير ناصر ومعين ولينصرن الله من ينصره فتفضل سيادته وأجاب علي بخطاب بتاريخ ٣٠ – ١٠ – ١٩٥٦ أي قبل العدوان على مصر بيوم واحد يقول: الأستاذ السيد عبد الحميد الخطيب دمشق تحية طيبة وبعد فأشكر لك كتابك الكريم الذي أعربت فيه عن شعور طيب وأخوة صادقة وكنت أود أن ألقاك وأن أتحدث إليك عند مرورك بمصر لولا أعباء جسام وشواغل جمة أنت أدرى بها ولا شك أن نصحك الغالي نزل من نفسي منزلًا كريمًا والله يوفقنا ويسدد خطانا والله أكبر والعزة للعرب.
رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر
وقد صح ما قلت فقد أغارت انجلترا وفرنسا وربيبتهم إسرائيل على مصر وأوقدوا النار بالطائرات في بور سعيد وحطموا أنابيب المياه فأطفأها الله بمطر من السماء وأيدهم بروح منه فثبتوا ثبوت الراسيات وهم يرددون ذكر الله ويهتفون بالتكبير حتى نالوا النصر المبين فكتبت لسيادة الرئيس في ٣١ – ٤ – ١٣٧٦ هـ و ٢٤ – ١١ – ١٩٥٦ قائلًا لقد حظيت بخطابكم الكريم بتاريخ ٣٠ – ١٠ – ١٩٥٦ وسررت به كثيرًا خصوصًا لما جاء فيه من نزول نصحي في نفسكم الكريمة منزلًا كريمًا فجزاكم الله عن أنفسكم وعن الإسلام خير الجزاء وإنه ليسرني أن ألفت نظركم إلى أن ما حصلتم عليه من النصر والتأييد لم يكن إلا بمعجزة من الله جل وعلا فإنكم مهما بذلتم من تضحيات ومهما أعددتم من قوى ما كان من الممكن أبدًا أن تحصلوا على تأييد العالم أجمع لكم ولا كان من المنتظر أن تحطموا أعداءكم كل هذا التحطيم في الميدان السياسي والأدبي والمعنوي حتى انهارت أعصاب أيدن واضطر أن يعتزل العمل لما رآه من تألب العالم عليه دون أن يستطيع أن يجمع حواسه أو يضبط نفسه أو ينكل بخصمه وقد شهد العالم أجمع بسوء سياسته وفادح ظلمه، وأعتقد أن الله الذي أمدكم بكل هذا المدد من عنده لا بد أن يكمل فضله ويهيء لكم من الأسباب والوسائل ما لم يكن في الحسبان لذلك فإني أقدم لك خالص التهاني من صميم
شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (١٢) تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣) وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (١٤) وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (١٥) وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً (١٦) إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (١٨) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاءَ كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (١٩) وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً (٢١) وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً (٢٢) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً (٢٣) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (٢٤) وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ
أصبحت النجوى ركنًا من أركان النجاح في الإصلاح بين الناس ﴿ومن يفعل ذلك﴾ أي يتناجى بواحد مما ذكر ﴿ابتغاء مرضاة الله﴾ أي بقصد الطاعة ونيل الرضوان ﴿فسوف نؤتيه﴾ في الآخرة ﴿أجرًا عظيمًا﴾ حيث الثواب هنالك لا يكون إلا على ما أريد به وجه الله ومعنى هذا أن جميع أعمال الإنسان السرية والعلنية ولو كانت في ذاتها من أعمال الخير التي تعود بالنفع على الفرد أو على المجموع لا يستحق عليها ثوابًا عند الله إلا إذا أريد فيها تنفيذ أوامره ليكون ما يترتب عليها من أثر هو من فضل الله وثمرة من ثمرات اتباع أحكامه وفي هذا من الإذعان لله بكمال الحكمة وفائق الرأفة بعباده ما يقرب العبد من ربه ويجعله مستحقًّا لحسن الجزاء بخلاف ما إذا عمل الخير لأنه خير في ذاته من غير قصد الطاعة ولا الطمع في رضوان الله فلا أجر له ولا ثواب بل ليس من حقه أن يطالب بأمر لم يخطر له على بال. ﴿ومن يشاقق الرسول﴾ أي يخالفه أو يقف في شق مناوئًا له ﴿من بعد ما تبين له﴾ بالأدلة الحسية والفطرية والسنن الكونية والآيات القرآنية، الطريق الموصل إلى ﴿الهدى﴾ وهو الإيمان الثابت في القلب عن يقين بوحدانية الله ووجوب طاعته والإخلاص في عبادته ﴿ويتبع غير سبيل المؤمنين﴾ أي غير السبيل الذي أمر الله المؤمنين باتباعه في قوله: ﴿قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني﴾ وهو اللجوء إلى الله بالدعاء وطلب المعونة منه وإخلاص العبادة له بأن أصر على الكفر واقتراف المعاصي استجابة لهوى النفس والشيطان ﴿نوله ما تولى﴾ أي نحقق له رغبته ونجعل الولاية عليه حقًّا من حقوق من اختار ولايته عليه من شياطين الإنس والجن بحسب ما قطعناه على أنفسنا من وعد بتحقيق مطالب الطالبين وتركه وشأنه يتبعه ويخضع لأوامره فيما يسوله له من الأمور التي من شأنها أن تؤدي به إلى سوء المصير بحسب ما قضت به مشيئة الله ﴿ونصله جهنم﴾ في الحياة الأخرى وفقًا لوعيده
جعلهم مثلها» ونقل ابن
<٧١>
جرير عن مجاهد أنه قال مسخت قلوبهم ولم يمسخوا قردة وإنما هو مثلٌ ضربه الله لهم كما ضرب المثل بقوله (كمثل الحمار يحمل أسفاراً) وقد سبق لي في سورة البقرة أن قلت لعل المراد كتب الله عليهم السقوط عن درجة الكمال الإنساني إلى مستوى القردة التي فقدت صفات النبل والشهامة وطبعت على الشره في المادة والانغماس في الشهوات البهيمة فجردوا عن عواطفهم الإنسانية فأنزلهم منزلتها.
والصفة الرابعة: قوله (وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) بفتح الباء ونصب التاء وقرئ بضم الباء وخفض تاء الطاغوت وهو كل معبود دون الله بمعنى كل من يأتمر بأمر غير الله روى ابن حاتم الطائي عن النبي ﷺ قال جئت النبي وفي عنقي صليب من ذهب قال يا عدي اخرج عنك هذا الوثن وتلا قوله تعالى (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) قلت يا رسول الله ما كنا نعبدهم فقال ﷺ أما كانوا يحللون لكم ويحرمون فتأخذون بأقوالهم قلت نعم قال هو ذاك أي أن إطاعتهم فيما يحللون ويحرمون هو عبادة للطاغوت (أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا) في جهنم يوم القيامة (وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) أي عن الطريق المستقيم في هذه الحياة الدنيا (وَإِذَا جَاءُوكُمْ) أي أولئك الذين اتصفوا بتلك الصفات (قَالُوا آمَنَّا) بألسنتهم ليخدعوكم أيها المؤمنون (وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ) لأنهم لم يأتوكم بقصد معرفة ما لديكم من علم ولا للاتعاظ بما عندكم من مواعظ وعبر (وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ) في أنفسهم من كفر ونفاق وإن أظهروا لكم خلافه (وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ) المسارعة في الشيء الشروع فيه بسرعة (فِي الْإِثْمِ) من كل ما يتعلق بأشخاصهم كترك العبادات (وَالْعُدْوَانِ) من كل أمر يتعدى ضرره إلى الغير كالكذب والفساد وما إلى ذلك (وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) أي الحصول على مال الغير بغير حق ولا وجه مشروع كالرّشوة والنصب والاحتيال (لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) أي بئس الأفعال أفعالهم فإن هذه المعاصي من شأنها أن تجلب للناس مختلف المصائب والويلات فقد روي عن رسول الله ﷺ قوله «ما من قوم يكون بين أظهرهم من يعمل بالمعاصي هم أعز
بنصره وتأييده ﴿أولئك لهم الأمن﴾ في الحياة الدنيا وفي الآخرة من عند الله ناصرهم ومؤيدهم ﴿وهم مهتدون﴾ أي وهم السائرون في الحياة على هدى من ربهم ﴿وتلك﴾ أي قول إبراهيم لقومه: ﴿أتحاجونني في الله﴾ إلى آخر الآيات ﴿حجتنا﴾ البالغة التي لا سبيل إلى دحضها ﴿آتيناها إبراهيم على قومه﴾ أي لقناه إياها ونصرناه بها عليهم ﴿نرفع درجات﴾ من المراتب المعنوية في العلم والجاه، والمادية من السيادة والرزق ﴿من نشاء﴾ إما وفق سننا وبمقتضى قدرنا، وإما بمحض فضلنا ورحمتنا لمن نقضي برفعته. لا معارض لنا في أحكامنا القدرية والقضائية ﴿إن ربك حكيم﴾ لا يصدر في أحكامه عن هوى بل لغايات سامية ومرام بعيدة ﴿عليم﴾ بسائر شئون خلقه وما يصلح عباده، كما فصله تعالى فيما كان من أمر إبراهيم مع قومه. نسأله تعالى أن يخرجنا من ظلمات الوهم، ويكرمنا بنور الفهم، ويوضح لنا ما أشكل. إنه على كل شيء قدير.
بعد أن رسم الله لنبيه سبيل نيل الهداية بذكر قصة إبراهيم، وكيف عمل لنيل الهداية بإنكاره ما كان عليه قومه من عبادة الأصنام أولًا ثم برغبته في معونة ربه عن طريق العقل ثانيًا، وما انتهى إليه أمره من إيمانه بأن هداية العقل لا تكفي، ولذلك طلبها من ربه فمنّ عليه بها وأهّله للدعوة إليه ولقنه من الحجج العقلية القاطعة ما لا يدع مجالًا للكفر بالله؛ أخذ يسرد جانبًا من نعم الله التي منّ بها على إبراهيم مكافأة له على تعلقه بربه وقوة إيمانه وإخلاصه في دعوته فقال ﴿ووهبنا له﴾ أي لإبراهيم ﴿إسحاق﴾ وإنما قدم ذكر إسحاق على إسماعيل لأنه هو الذي وهبه الله له في حال كبر سنه ويأس امرأته سارة لعقمها جزاء لإيمانه وإحسانه وبعد ابتلائه بذبح ولده إسماعيل واستسلامه لأمر ربه في الرؤيا مع أنه لا ولد له سواه ولذلك قال تعالى في سورة الصافات ﴿وبشرناه بإسحاق نبيًّا من الصالحين﴾ ﴿ويعقوب﴾ ابن إسحاق ﴿كلًّا﴾ منهما ﴿هدينا﴾ كما هدينا إبراهيم من قبل وآتيناهما مثله الحكمة وقوة الحجة. وفي هذا إشارة إلى أن إكرام الله للعبد الصالح قد يستمر في أبناء الأبناء ﴿ونوحًا﴾ الذي هو جد إبراهيم ﴿هدينا من قبل﴾ أي أن الهداية قد انحدرت لإبراهيم من جده الذي نال الهدى بمحض فضل منا إذ جاءته الرسالة من غير طلب منه إذ أوحى الله إليه قوله: ﴿أن اهد قومك﴾ وقل لهم ﴿إني نذير مبين ألا تعبدوا إلا الله﴾ فصدع بالأمر وثابر في دعوته تسعمائة سنة دون كلل أو ملل برغم معاجزة قومه له وقولهم ﴿يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين﴾ وتهديدهم إياه أخيرًا
أصنام لهم ويكفرون بالإله الحقيقي ويقولون لمن يسفه معتقداتهم المتوارثة ﴿إنا لنراك في سفاهة﴾ أي يلوح لنا من دعوتك هذه إنك جاهل لم تبلغ الرشد لتركك الآلهة القائمة المنظورة التي أخذناها عن آبائنا ودعوتك إلى إله غيبي لا يرى ﴿وإنا لنظنك من الكاذبين﴾ أي لست جادًا في قولك إنه ليس لنا من إله غيره وإن في قولهم ﴿وإنا لنظنك﴾ إشارة إلى أنه كان محل ثقتهم ﴿قال﴾ هود ﴿يا قوم ليس بي سفاهة﴾ أي ليس لي أدنى شيء من أمارات السفه ﴿ولكني رسول من رب العالمين﴾ أي بل إني في مستوى من العقل فوق ما تتصورون إذ اختارني الله للرسالة عنه ولو لم أكن ذا عقل راجح وحلم واسع لما اختارني الله من دونكم وها إني ﴿أبلغكم رسالات ربي﴾ أي ما أمرني ربي بتبليغه إليكم ﴿وأنا لكم ناصح﴾ أي والحال إني كما تعلمون مخلص الود لكم ﴿أمين﴾ لم يعرف عني الكذب من قبل على أحد منكم فكيف أكذب على ربي ﴿أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم﴾ أي وما يكون لكم أن تعجبوا من أن تأتيكم الرسالة من ربكم على لسان أحد منكم فذلك ليس من فعلي بل من فعل من خلقكم والله يعلم حيث يجعل رسالته ﴿واذكروا﴾ فضل الله عليكم ﴿إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح﴾ أي نجى آباءكم من الغرق واستخلفكم في أرضهم وديارهم وأموالهم وسائر المنافع ﴿وزادكم في الخلق بسطة﴾ إذ كانوا أطول أجسامًا وأقوى أبدانًا من أصولهم حيث وصفهم الله في سورة فصلت بقوله: ﴿فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة﴾ ﴿فاذكروا آلاء الله﴾ بمعنى قدروها لمانحها وذلك بالإيمان به وإطالة الشكر عليها ﴿لعلكم تفلحون﴾ أي تفوزون بما أعده الله للشاكرين من زيادة النعم ﴿قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر﴾ أي نترك ﴿ما كان يعبد آباؤنا﴾ من الأصنام ﴿فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين﴾ أي أنهم أصروا على تقليد آبائهم ولم يصغوا لنصحه بل بلغ بهم الأمر منتهى التكذيب أن طالبوه باستعجال العذاب من الله إن كان صادقًا في دعواه فلم يكن جوابه لهم إلا أن ﴿قال﴾ ما دمتم تريدون هذا وتصرون على الكفر فاعلموا أنه ﴿قد وقع﴾ يقال وقع الحق بمعنى ثبت ﴿عليكم من ربكم رجس﴾ الرجس يطلق على العمل القبيح المستقذر حسًّا أو معنًا أي ثبت عليكم بحسب دستور الله الكفر ﴿وغضب﴾ أي نقمة بمعنى فاستحقيتم العقاب ﴿أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان﴾ أي أتخاصمونني وتجادلونني في أصنام سميتموها أنتم وآباؤكم آلهة مع أن الله الذي خلقكم لم يجعل لأحد منها عليكم نفوذًا، أو قدرة على نفع أو ضر ﴿فانتظروا﴾ العذاب الذي طلبتم استعجاله
لشريعته القواعد التي تقوم عليها الدعوة والصفات التي يجب أن تتوفر في الداعي فقال ﴿خذ العفو﴾ أي اعمل بمبدأ العفو عن إساءة المسيئين والتسامح معهم وعدم التشديد عليهم يحبوك ويتبعوا شريعتك.
وعملًا بهذا المبدأ قال صلى الله عليه وسلم: «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا» ﴿وأمر بالعرف﴾ وهو ما تعارفه الناس من الخير أي احكم في كل قطر بحسب ما تعوده أهله من المعاملات والعادات التي لا تتعارض مع الشرع كما قال صلى الله عليه وسلم: «سددوا وقاربوا» ولا تشددوا بمعنى لا تحاولوا إبطال العادات التي لا علاقة لها بالدين فهذا يعد ضغطًا على الحريات وتدخلًا في الشئون الشخصية لا يرضي الله ﴿وأعرض عن الجاهلين﴾ أي لا تقابل الحمقى والسفهاء بمثل عملهم كقوله تعالى: ﴿ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوًا بغير علم﴾ واترك أمرهم إلى الله فهو أقدر منك على إنزال العقوبة بهم ﴿وإما ينزغنك من الشيطان نزغ﴾ أي فإذا حاول الشيطان أن *********** هذه الحالة أو كلما وسوس إليك الشيطان بأمر لا يرضي الله ﴿فاستعذ بالله﴾ أي فالجأ إلى الله وتوجه إليه طالبًا منه أن يعيذك من شر هذا النزغ ﴿إنه سميع﴾ لاستعاذتك ﴿عليم﴾ بالوسيلة التي تعيذك منه، ومعنى هذا أن الله ما دام قد وصف لك هذا العلاج لإزالة وساوس الشيطان عنك فلا بد أن يصرف عنك شره وقد جاء في القرآن قوله تعالى: ﴿إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون﴾ وقد قال صلى الله عليه وسلم: «ما منكم أحد إلا وقد وكل به قرين من الجن قالوا وإياك يا رسول الله قال وإياي إلا أن الله قد أعانني عليه» وإن مما يؤسف له أن كثيرًا من الناس لا يعترفون بوجود الجن والشياطين ويعتبرون القول بوجودها تخريفًا ذلك لأنهم لم يرونها بأعينهم ولم يشعروا بوجودها مع أن الرسول ﷺ قد وصفهم بقوله: «إن الشيطان ليجري في الإنسان مجرى الدم» وأرشد إلى الطريقة التي يستطيع كل إنسان أن يؤمن بوجودهم بما يشعر به من تأثيرهم في نفسه حيث قال: «إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة فأما لمة الشيطان فإيعاذ بالشر وأما لمة الملك فإيعاذ بالخير وتصديق بالحق فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله على ذلك ومن وجد الأخرى فليتعوذ من الشيطان» ثم قرأ: ﴿الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء﴾ وقد بسطنا هذا الموضوع بإسهاب عند تفسيرنا لسورة الناس في الجزء الثلاثين ﴿إن الذين اتقوا﴾ ربهم من شأنهم أنه {إذا مسهم
الأصفر لم أصبر أن أفتن ولكني أعينك بمالي فقال رسول الله ﷺ وهو معرض عنه: «قد أذنت لك»: ﴿ألا في الفتنة سقطوا﴾ أي ألا فليعلموا أنهم بقولهم هذا سقطوا بمعنى ثبت ضعف إيمانهم إذ اعترفوا بأنهم لا يجدون من دينهم ما يمنعهم من الوقوع في الإثم بالنظر إلى النساء واشتغال القلب بجمالهن أو التمتع بهن فكان في دعوة الرسول لهم إلى الجهاد أعظم اختبار دل على كفرهم وتكذيبهم بما جاء به من الأمر بالجهاد وثوابه والعقاب على تركه: ﴿وإن جهنم لمحيطة بالكافرين﴾ أي جامعة لمختلف أصناف الجاحدين لأوامر الله وهؤلاء في مقدمتهم ذلك لأنهم يظهرون لك الإيمان والود ويخفون في قلوبهم الكفر والعداء لك وأنت لا تعلم: ﴿إن تصبك﴾ في سفرك هذا إلى تبوك: ﴿حسنة﴾ أي نعمة ونصر من الله وغنيمة: ﴿تسؤهم﴾ أي يشعر أولئك المنافقون بحزن يملأ قلوبهم: ﴿وإن تصبك مصيبة﴾ نكبة أو شدة كالتي وقعت في غزوة أحد: ﴿يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل﴾ أي هذا ما كنا نتوقعه وقد احتطنا له بتخلفنا عن السير مع الرسول ولم نلق بأيدينا إلى التهلكة: ﴿ويتولوا﴾ أي ينصرفوا عن المكان الذي سمعوا فيه خبر السوء عنكم: ﴿وهم فرحون﴾ أي والبشر طافح على وجوهم ولا يستطيعون كتمانه، ولا شك أن أمثال هؤلاء من شر ما يبلى به الإنسان في هذه الحياة ولقد سمعت قول المتنبي:
@ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى
#عدوًّا له ما من صداقته بد
فذيلته بقولي:
@وأنكد من ذا واحدًا لست عارفًا
#أحقًّا هو الخل الوفي أم الضد
﴿قل﴾ أيها الرسول لهؤلاء المنافقين مهلًا لا تفرحوا لما يصيبنا من المصائب فإنما هي بالنسبة لنا عناية من الله وتكفير سيئات فإنه: ﴿لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا﴾ من أجر صرح به سبحانه في أواخر هذه السورة إذ يقول: ﴿ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئًا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلًا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين * ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديًا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون﴾.: ﴿هو مولانا﴾ الذي فوضنا إليه أمورنا ورضينا بما يختاره لنا من حياة أو موت
وتكون لكما الكبرياء في الأرض} هذا استفهام يراد به توريط موسى تجاه فرعون معناه هل تقر وتعترف بأنك جئت لأمرين لا نرضاهما أبدًا هما أولًا لتصرفنا وتحولنا عن الدين القومي الوطني الذي كان عليه آباءنا وأجدادنا لنتبع دينك الذي اخترعته، والأمر الثاني هو أن تنتزع السلطة والرئاسة من أيدينا ليكون لك ولأخيك كبرياء الرياسة الدينية وما يتبعها من كبرياء الملك والسلطة الدنيوية في أرض مصر: ﴿وما نحن لكما بمؤمنين﴾ أي وما نحن بالذين نرضى أن نترك دين آبائنا الذي تقلده عامتنا ونخضع لسلطان أحد علينا ولذلك فلنقف عند حدك وهذان الأمران هما اللذان كانا ولا يزالا يمنعان الزعماء والقادة من اتباع الأنبياء والمصلحين في جميع الأزمان: ﴿وقال فرعون﴾ بعد سماع ما وجهه الملأ من قومه في حضرته إلى موسى من عبارات التحقيق التي يراد منها الحصول منه على اعتراف يستدعي إنزال العقوبة عليه مهلًا: ﴿ائتوني بكل ساحرٍ عليمٍ﴾ ليكشفوا لنا أمر سحره ويبوء بالخزي وتفشل دعواه وينال ما يستحقه من الجزاء: ﴿فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون﴾ أي إنه لم يشأ أن يختبروا أمر معجزته بل دعاهم إلى إظهار سحرهم ليتولى هو إبطاله: ﴿فلما ألقوا﴾ ما ألقوه من حبالهم وعصيهم السحرية: ﴿قال موسى ما جئتم به﴾ أمامنا هو: ﴿السحر﴾ لا ما جئت به ولذلك: ﴿إن الله سيبطله﴾ أي سيظهر بطلانه للناس بما جئت به من الحق فإن دستور الله: ﴿إن الله لا يصلح عمل المفسدين﴾ أي إن أعمال الفساد لا يمكن أن تؤدي بصاحبها إلى الصلاح فكلما أمعن الإنسان في الفساد ازداد بعدًا عن الخير والفلاح، والسحر من عمل فرعون وقومه المفسدين فلا بد أن يظهر فساده: ﴿ويحق الله الحق﴾ أي يثبت الله الحق الذي فيه صلاح الخلق ويظهره على ما يعارضه من الباطل الذي من ضمنه عمل السحر: ﴿بكلماته﴾ التي ينزلها على رسله من المعجزات أو يقضي بها لنصرة المظلومين من عباده في جميع الأوقات: ﴿ولو كره المجرمون﴾ ذلك أي رغم محاولتهم طمس الحقائق ونشر الضلال وإشاعة الظلم والفساد هذا وإنه بالرغم مما عاناه موسى في إثبات رسالته لفرعون من أجل قومه بني إسرائيل الذين أرسل لإخراجهم من مصر ومنع الظلم عنهم: ﴿فما آمن لموسى إلا ذريةٌ﴾ وهم المراهقون والشبان المتنورون المتحررون من قيود تقليد الآباء أما شيوخهم فقد أبوا الإيمان بموسى: ﴿من قومه﴾ بني إسرائيل الذين استعبدهم فرعون ومكن العقائد الفاسدة في قلوبهم: {على خوفٍ من
هذا برهانًا على كذبها من غير حاجة إلى الاستدلال على ذلك بقد القميص، ومنها أن قوله من أهلها لم يقصد منه إلا تقوية الشهادة ولو كان الشاهد صبيًّا في المهد لكان قوله حجة ولو كان من غير أهلها، ومنها أن التعليل الذي سيأتي على لسان الشاهد لا يصدر إلا من رجل عاقل حيث يقول: ﴿إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين﴾ ذلك لأنه إذا كان هو المهاجم وهي المدافعة لظهر أثر دفاعها في مقدمة قميصه: ﴿وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين﴾ لأن هذا يدل على أنه هارب منها وهي عالقة به: ﴿فلما رأى﴾ العزيز: ﴿قميصه﴾ أي قميص يوسف: ﴿قد من دبر﴾ أي من خلفه اقتنع ببراءة يوسف و ﴿قال إنه من كيدكن﴾ أي إن ما تقولينه ما هو إلا من كيدكن معشر النساء: ﴿إن كيدكن عظيم﴾ أي عظيم الخطر كبير الأثر، وهنا تدخل الشاهد أيضًا فقال: ﴿يوسف أعرض عن هذا﴾ أي دع الحديث في هذا الشأن ولا تتأثر منه ولا تذيعه بين الناس لما فيه من خدش لسمعتك على حد قولهم «استر ما واجهت» ثم التفت إلى المرأة يقول لها: ﴿واستغفري﴾ أنت من سيدك: ﴿لذنبك﴾ باتهامك ليوسف بما هو بريء منه بعد ما وضح لسيدك الحق الذي لا غبار عليه والذي جعله يقول: ﴿إنه من كيدكن﴾. ﴿إنك كنت من الخاطئين﴾ أي المذنبين بمراودة يوسف عن نفسه واحمدي الله الذي لم يطاوعك في شهواتك ولولا ذلك لوقعتي وإياه في الإثم.
لقد استصوب العزيز رأي قريب زوجته وأسدل الستار على هذه الفضيحة الكبرى بالقصر الملكي بإعراض يوسف عن ذكرها واستغفار زوجته، وأذعنت هي لذلك، وفاته ما يقول المثل السائر «كل سر جاوز الاثنين شاع» فقد تسرب الخبر إلى البيوت ولاكته الألسن: ﴿وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها﴾ أي عبدها يوسف: ﴿عن نفسه﴾ لتطفئ به شهوتها: ﴿قد شغفها حبًّا﴾ أي شق حبه شغاف قلبها حتى بلغ بها أقصى درجاته فلم تستطع مقاومته: ﴿إنا لنراها في ضلال مبين﴾ إذ لا يليق بها وهي امرأة عزيز مصر وهو على ما هو عليه من مقام رفيع أن تنظر إلى غيره وتضعف أمام شهوتها حتى تنزل عن كبريائها وترضى أن تسلم نفسها إلى عبد حديث السن من عبيدها: ﴿فلما سمعت﴾ امرأة العزيز: ﴿بمكرهن﴾ المكر هنا الغيبة وسميت مكرًا لما فيها من الخفاء أي دبرت في نفسها مكيدة توقعهن في شباكها وذلك بأن: ﴿أرسلت إليهن﴾ أي أقامت لهن حفلة غداء دعتهن إليها: ﴿وأعتدت لهن متكأً﴾ أي هيأت لهن
فهرست الجزء الثالث عشر من تفسير الخطيب المكي
تقرب
اعترافات امرأة العزيز
تعيين يوسف على خزائن الأرض
تعرف يوسف على إخوته
خوف يعقوب على أبنائه من العين
لقاء يوسف وبنيامين
تذرع يعقوب بالصبر
اجتماع شمل يعقوب بأبنائه
نسبة إخراج يوسف من السجن لله
بحث في خلق الأفعال
قصص يوسف معجزة للرسول
السبب في عدم إيمان المشركين
تسرب الشرك إلى القلوب
منهج الدعوة الإسلامية
يأس الرسل وقصصهم
سورة الرعد
القرآن حق وعدم إيمان الناس به
أدلة التوحيد
سخافة منكري البعث وجزاؤهم
مطالبة الكفار بالمعجزات الشخصية
مهمة الرسول وما نسب له من المعجزات
المعجزات وكرامات الأولياء
تحطيم أسس دعوى المعجزات
ورأيناه عالمًا واسع الصدر في الجدل والنقاش يستسلم للحجة، معترفًا بها أو يشتد في حجته ليقنع من يجادله بصحة رأيه، وسديد اجتهاده.
وخبرناه أنيسًا في مجلسه وديعًا في حديثه يشيع على جلسائه كل ما يعرف ويعلم من الظرف والعلم والوداعة والأنس.
ورأيناه كثير التعلق بمحبيه لا يسأم من جلوسهم عنده، وجدالهم معه، ولا يمل من حديثهم كأنه يريدهم أن يساكنوه في قصره، ويشاركوه في ماله حتى يكون وإياهم معًا في لقاء واحد على ما يرضي الله ويزيد في حبه والإيمان به جل وعلا.
وكان رحمه الله غزير العلم دؤوبًا عليه عكف منذ شبابه الطاهر يقرأ ويدرس ويحاضر في المسجد الحرام بمكة المكرمة حتى إذا تقدمت به السن الكريمة أصبح عضوًا في مجلس الشورى في الحكومة العربية السعودية ثم سفيرًا لها في الباكستان ثم اختار دمشق سكنًا له بعد إحالته على المعاش وكان طوال هذه المدة يواصل جهده وجده في نظم القصائد النبوية في مديح النبي ﷺ واصفًا حياته عليه السلام كلها في مراحلها الأولى وفي الغزوات التي خاض غمارها وفي كل ما يتعلق بحياته من أحداث وكانت قصيدته التائية تزيد عن الخمسمائة ألف بيت من الشعر وكانت دروسًا في العقيدة والتوحيد وفي الإيمان والإسلام وفي كل ما يتعلق بالحياة المؤمنة من بحوث وآمال. فكانت بحق أروع ما نظم من القصائد وأمد ما عرفنا من الشعر في هذه الناحية من العقيدة والإيمان.
وكانت مدائحه بالنبي ﷺ وفي معارضته للبردة الشريفة وللهمزية المشهورة للإمام البوصيري كانت هذه المدائح دلائل الحب في الله والإيمان به والتعظيم لنبيه ﷺ وبيانًا لعظيم قدره ومقامه بين الناس.
وكانت بقية كتبه أدبية في الأسلوب، فكرية في السبك، مؤمنة في النهج تبسط الإسلام في أيسر السبل وتحبب به النشء، في كل ما فيه من سبل للسيادة والقيادة والعزة والحياة، وبهذا نرى فقيدنا رحمه الله فهم الإسلام فهما واسعًا وعميقًا وجعله نور الحياة وهداية الناس في كل ما يحتاج إليه الناس في حياتهم من حضارة وعلم ورقي وازدهار.
وتكون لكما الكبرياء في الأرض} هذا استفهام يراد به توريط موسى تجاه فرعون معناه هل تقر وتعترف بأنك جئت لأمرين لا نرضاهما أبدًا هما أولًا لتصرفنا وتحولنا عن الدين القومي الوطني الذي كان عليه آباءنا وأجدادنا لنتبع دينك الذي اخترعته، والأمر الثاني هو أن تنتزع السلطة والرئاسة من أيدينا ليكون لك ولأخيك كبرياء الرياسة الدينية وما يتبعها من كبرياء الملك والسلطة الدنيوية في أرض مصر: ﴿وما نحن لكما بمؤمنين﴾ أي وما نحن بالذين نرضى أن نترك دين آبائنا الذي تقلده عامتنا ونخضع لسلطان أحد علينا ولذلك فلنقف عند حدك وهذان الأمران هما اللذان كانا ولا يزالا يمنعان الزعماء والقادة من اتباع الأنبياء والمصلحين في جميع الأزمان: ﴿وقال فرعون﴾ بعد سماع ما وجهه الملأ من قومه في حضرته إلى موسى من عبارات التحقيق التي يراد منها الحصول منه على اعتراف يستدعي إنزال العقوبة عليه مهلًا: ﴿ائتوني بكل ساحرٍ عليمٍ﴾ ليكشفوا لنا أمر سحره ويبوء بالخزي وتفشل دعواه وينال ما يستحقه من الجزاء: ﴿فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون﴾ أي إنه لم يشأ أن يختبروا أمر معجزته بل دعاهم إلى إظهار سحرهم ليتولى هو إبطاله: ﴿فلما ألقوا﴾ ما ألقوه من حبالهم وعصيهم السحرية: ﴿قال موسى ما جئتم به﴾ أمامنا هو: ﴿السحر﴾ لا ما جئت به ولذلك: ﴿إن الله سيبطله﴾ أي سيظهر بطلانه للناس بما جئت به من الحق فإن دستور الله: ﴿إن الله لا يصلح عمل المفسدين﴾ أي إن أعمال الفساد لا يمكن أن تؤدي بصاحبها إلى الصلاح فكلما أمعن الإنسان في الفساد ازداد بعدًا عن الخير والفلاح، والسحر من عمل فرعون وقومه المفسدين فلا بد أن يظهر فساده: ﴿ويحق الله الحق﴾ أي يثبت الله الحق الذي فيه صلاح الخلق ويظهره على ما يعارضه من الباطل الذي من ضمنه عمل السحر: ﴿بكلماته﴾ التي ينزلها على رسله من المعجزات أو يقضي بها لنصرة المظلومين من عباده في جميع الأوقات: ﴿ولو كره المجرمون﴾ ذلك أي رغم محاولتهم طمس الحقائق ونشر الضلال وإشاعة الظلم والفساد هذا وإنه بالرغم مما عاناه موسى في إثبات رسالته لفرعون من أجل قومه بني إسرائيل الذين أرسل لإخراجهم من مصر ومنع الظلم عنهم: ﴿فما آمن لموسى إلا ذريةٌ﴾ وهم المراهقون والشبان المتنورون المتحررون من قيود تقليد الآباء أما شيوخهم فقد أبوا الإيمان بموسى: ﴿من قومه﴾ بني إسرائيل الذين استعبدهم فرعون ومكن العقائد الفاسدة في قلوبهم: {على خوفٍ من
تنقسم إلى قسمين إرادة كونية قدرية وهي التي سبقت مشيئته تعالى بخلق جميع الكائنات وما سن لها من نظام قضائه وقدره، وإرادة دينية أمرية وهي تتعلق بما يحبه الله لعباده وما يرضاه منهم من عمل صالح فصله لهم وأرشدهم إلى سبيله وطريق الوصول إليه في كتبه وعلى لسان رسله ومتى تعلقت بشيء صدر به أمر خاص في أي وقت من الأوقات فلا يقف في طريق تنفيذه شيء وفقًا لقوله تعالى: ﴿إنما قولنا لشيء إذا أردنا أن نقول له كن فيكون﴾ وهي من فضل الله الذي يشمل به عباده بالمعونة وتفريج الكروب والنصر على الأعداء نتيجة لجوء العبد إلى ربه بالقول والعمل وأما العلم فمعناه الإحاطة بحقائق الأشياء وعلم الله يطلق على إحاطته تعالى بحقائق جميع مخلوقاته، وما تقضي به مشيئته من نظام قضائه وقدره وما يريده سبحانه وما لا يريده وما ينتهي إليه مصير كل شيء وهو مما انفرد به سبحانه ودونه عنده في لوحة المحفوظ ولا دخل لهذا العلم بالمشيئة أو الإرادة إذ العلم بالشيء سواء أكان حادثًا أم قديمًا لا يستلزم وجود العلوم وعلم الله محجوب عن المخلوقات جميعًا ولا تأثير له في وجودها فهو ليس صفة انكشاف وإحاطة وليس العلم إلا الإحاطة بالشيء دون الجزاء عليه إذ الجزاء إنما يترتب على الإنسان إثر قيامه بالعمل المنهي عنه وهو غير المشيئة والإرادة فليس هناك معنى لتأثر الإنسان به واتخاذه حجة على أننا مسيرون في أعمالنا وفق ذلك وعلى ضوء هذه الحقائق نفسر قوله تعالى: ﴿فمن شاء﴾ أي من رغب في الاتعاظ بهذه التذكرة أو السورة رغبة صادقة مقترنة بالعمل: ﴿اتخذ﴾ الاتخاذ بمعنى الافتعال ويجري مجرى الجعل كقوله تعالى: ﴿لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء﴾.: ﴿إلى ربه سبيلا﴾ أي جعل من عمله بهذه التذكرة سبيلًا لرضاء ربه: ﴿وما تشاءون﴾ أي وما تسلكون من طريق: ﴿إلا أن يشاء الله﴾ أي إلا أن يكون ذلك الطريق مما شاءه الله وعبّده وأخبركم بما يؤدي إليه من خير أو شر وضمن ما قضاه من حياة، وقدره من نظام للعمل وقد ورد في السنن أنه قيل لرسول الله ﷺ أرأيت أدوية نتداوى بها ورقى نسترقي بها وتقاة نتقى بها هل ترد من قدر الله فقال «هي من قدر الله» وروى ابن عمر عن رسول الله ﷺ قوله «من فتح له باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة وما سئل الله شيئًا أحب إليه من أن يسأل العافية وأن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ولا يرد القضاء إلا الدعاء».
أطعمهم من جوع،: ﴿فَوَيْلٌ﴾ دعاء بالهلكة: ﴿لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ لم يقل: في صلاتهم إشارة إلى أنه ليس المراد السهو في الصلاة بعدم حضور القلب والخشوع فذلك أمر فوق طاقة البشر ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها؛ وإنما المقصود كما قال ابن عباس: المنافقون الذين يصلون في العلانية ولا يصلون في السر، أو هو كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه الذي إن صلى لم يرج خير صلاته وإن تركها لم يخف ربه».
﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ﴾ أي يصلون أو يتعبدون أو يفعلون الخير من أجل أن يراهم الناس طمعاً في ثنائهم أو حبًّا للشهرة: ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ لقد سئل كثير من الصحابة عن الماعون فقالوا: ما يتعاوره الناس بينهم كالدلو والفأس والقدر وما شابه ذلك مما لا يستغنى عنه؛ أي الذين بلغ بهم الشح حدًّا لا يعيرون معه شيئاً من متاع البيت.
وبهذا يستطيع كل إنسان أن يتعرف حقيقة نفسه هل هو من المصدقين بالدين أو المكذبين به فمن واظب على صلواته وقصد بأعماله وجه الله الكريم ولم يضن على أحد بما يستطيع من المساعدة فهو المؤمن حقًّا ومن لم يؤد الصلاة في أوقاتها محافظة عليها وقصد بأعماله مجرد المظاهر التي يشهد بها الناس فقط وامتنع عن تقديم العون لمن يستحقه فذلك هو المكذب بدين الله البعيد عن فهم حقيقته الضال عن سبيل هديه.
سورة الكوثر
مكية عدد آياتها ثلاث

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ (٣)﴾.
سورة الكوثر: بعد أن عرّف الله المكذبين بالدين وتوعد بالويل المصلين الذين هم عن الصلاة ساهون والذين هم يراءون ويمنعون الماعون، أخذ يحدث رسوله بما أعده له من شيء عظيم في الآخرة ليجتذب الناس لطاعته في الدنيا لينالوا نصيباً منه يوم القيامة فقال: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ روى مسلم وأبو داود والنسائي عن النبي ﷺ أنه قال --عندما ختم هذه السورة-: «أتدرون ما الكوثر، إنه نهر وعدنيه ربي عز وجل عليه خير كثير وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد الكواكب يختلج العبد منهم فأقول: ربّ إنه من أمتي، فيقول: إنك لا


الصفحة التالية
Icon