" الاعتناء بالمعانى المبثوثة في الخطاب هو المقصود الأعظم بناء على أنَّ العرب إنما كانت عنايتها بالمعانى، وإنما أصلحت الألفاظ من أجلها، وهذا الأصل معلومٌ عند أهلِ العربيةِ، فاللفظ إنما هو وسيلة إلى تحصيل المعنى المراد، والمعنى هو المقصود، ولا أيضا كل المعانى، فإن المعنى الإفرادي قد لايعبأُ به إذا كان المعنى التركيبي مفهوماً دونه " (١)
ويقرر في باب " الاجتهاد " أنه إذا ماكان هنالك علم تتوقف صحة الاجتهاد عليه " فالأقرب في العلوم إلى أن يكون هكذا علمُ اللغة العربية، ولا أعنى بذلك " النحو" وحده، ولا" التصريف " وحده، ولا "اللغة" ولا" علم المعانى" ولا غير ذلك من أنواع العلوم المتعلقة باللسان بل المراد جملة علم اللسان ألفاظ أو معانى كيف تصورت....
فإذا فرضنا مبتدئا في فهم العربية فهو مبتدئ في فهم الشريعة، أو متوسطا فهو متوسط في فهم الشريعة، والمتوسط لم يبلغ درجة النهاية، فإن انتهى إلى درجة الغاية في العربية كان كذلك في الشريعة، فكان فهمه فيها حجة كما كان فهم الصحابة وغيرهم من الفصحاء الذين فهموا القرآن حجة.
فمن لم يبلغ شأوهم فقد نقصه من فهم الشريعة بمقدار التقصير عنهم وكل من قصر فهمه لم يعد حجة ولا كان قوله فيها مقبولا.
فلا بد من أن يبلغ في العربية مبلغ الأئمة فيها، كـ"الخليل" و" سيبويه "و"الأخفش"و"الجرمي"و"المازنى"ومن سواهم" (٢) (٣)...

(١) - الموافقات للشاطبي: ٢/٦٤، ٨٢، ٥٨، ٨٧
(٢) - السابق: ٤/١١٤- ١١٥


الصفحة التالية
Icon