وأهل العلم بكتاب الله على أنَّه لايجوز ردُّ قراءة متواترة، وإن بَدَا أنَّ غيرها أظهر في العربية وأشيع، فليس معيار القبول الرد، والترجيح بين القراءات إلاَّ درجة وثاقة السند إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
يقول ابن الحزري (٤) :
" كلُّ قراءةٍ وافقت العربيةَ ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا، وصَحَّ سندها فهي القراءة الصحيحة التى لايجوز ردها ولا يحل إنكارها بل هي من الأحرف السبعة التى نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها سواء كانت عن الأئمة السبعة ام العشرة ام عن غيرهم من الأئمة المقبولين... " (٥)
فانظر كيف أن " ابن الجزري " في الشرط الأول قال: (ولو بوجه) ومن البين أن مذاهب العرب في بيانها متسعة لايحاط بها كما قرره " الشافعي " في " الرسالة"وانظر ما قاله في الشرط الثانى (ولو احتمالا) فاتسعت الدائرة، لكنه في الشرط الثالث (صحة السند) لم يذكر شيئا من ذلك مما يؤكد وجوب صحة السند. وانظر قوله (فهي القرءة الصحيحة) بتعريف الطرفين الدال على التخصيص الحصري، فكان مآل الأمر أن الشرط الأعلى من هذه الثلاثة إنما هو الشرط الثالث (صحة السند عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم)
ولهذا " قال الشيخ أبو محمد إبراهيم بن عمر الجعبري (٦) :
(٥) النشرفي القراءات العشر: ١/٩ - دار الكتب العلمية ـ بيروت (د. ت)
(٦) برهان الدين إبراهيم بن عمر بن إبراهيم الجعبري (ت: ٧٣٢) من آثاره: كنز المعانى شرح الشاطبية في القراءات، وروضة الطرائف في رسم المصاحف، وعقود الجمان.