" أقول: الشرط واحد وهو صحة النقل، ويلزم الآخران، فهذا ضابط يُعَرِّف ماهو من الأحرف السبعة وغيرها، فمن أحكم معرفة حال النقلة وأمعن في العربية وأتقن الرسم انحلت له هذه الشبهة) (٧)
وهذا منه دقيق، فإنه متى صحَّت نسبة النقل عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فلن يثبت عنه إلا ما هو الصحيح العالي بل العَلِيّ في لسان العربية، وما خالفه بالتضاد لاالتبيان لن يكون العالى فضلا عن العلى ومتى صح النقل فإن ما جاء من رسم المصاحف لن يخرج عما صح سنده، إيمانا بأن هذا الرسم لم يك بالتشهي، بل هو علم ذو ضوابط يعقلها أهل العلم بالرسم القرآني، وهي ضوابط تتسع لكل ما صح نقله عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
المرجع في هذا ـ إذن ـ صحة النقل وهذا من" الجعبري ثمرة فقه ماجد، فإن قوله (ويلزم الآخران) كلمة عالم فاقه، فافهم
وإذا ما تحققت عند صحة النقل، فاجعل ما جاء بهذا في درجة سواء، من غير ترجيح بتفضيل وإعلاء بعضٍ على بعض، وإن كان بعض القراءات أشد ظهورًا في المعنى من الأخرى، وهذا التفاوت في الظهور إنما هو نسبي، فما يكون ظاهرًا لك قد يكون غير ذلك عند غيرك، ولهذا لا أعُدُّ هذا ضربًا من الترجيح والتفضيل، بل مَرَدُّهُ عندي إلى فاعله وقائله لا إلى القراءة القرآنية نفسها.
يقول " بدر الدين الزركشي": " ينبغى التنبيه على شىء وهو أنه قد ترجح إحدى القراءتين على الأخرى ترجيحا يكاد يسقط القراءة الأخرى وهذا غير مرضى لأن كلتيهما متواترة
وقد حكى أبو عمر الزاهد (٨) فى كتاب اليواقيت عن ثعلب (٩) أنه قال إذا اختلف الإعراب فى القرآن عن السبعة لم أفضل إعرابا على إعراب فى القرآن فإذا خرجت إلى الكلام كلام الناس فضلت الأقوى وهو حسن
(٨) هو أبو عمر محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم المعروف بغلام ثعلب (ت: ٣٤٥هـ
(٩) أبو العباس أحمد بن يحيي بن يسار الشيباني (٢..- ٢٩١) من آثاره: إعراب القرآن، والفصيح، وحد النحو، واختلاف النحويين.