المفردة القرآنية
جاء البيان القرآني الكريم بكلماته الإفرادية من مَعْدِن ما كان في لسان العرب في زمن نزول الوحي: صورة ومدلولا ودلالة، لم يسقط عليهم مفردات لم تكن آذانهم قد سمعتها، ولم تكن ألسنتهم قد نطقتها، وإلا لقالوا ماهذا بلساننا، فأنَّى لنا أن نفهم عنه؟ وقد قال الله عز وجل عنه إنه بلسان عربي مبين: ﴿وَإِنَّه لَتَنْزِيلُ رَبَّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوح الأمينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِن المُنْذِرينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ (الشعراء)
﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ (إبراهيم)
وما جاء به القرآن الكريم من مدلولات إسلامية لبعض مفرداته، كالصلاة والزكاة إنَّما نَسَلَها من المدلولات التى كانت ساكنة ألسنتهم في أشعارهم وخطبهم وخطابهم
وهذا يقتضي كلَّ قائم إلى النظر في بيان القرآن الكريم عن معانى الهدى فيه إلى الصراط المستقيم أن يقوم أولا إلى النظر في مفردات الآيات التى هو قائم إلى رياض معانيها، فينظر في صورها ومدلولتها في لسان العربية وطريق دلالتها على تلك المدلولات ليتخذ من ذلك زادًا كريما في سفره المديد في البيان القرآني العليِّ المعجز
وهذا ما أسعى إلى أن أغريك بشيء منه علَّك تذوق فتعرف، ومن ذاق فعرف لزم وعكف، وأبى إلا أن يرابط، وأن يتخلق بذلك النداء الربانى في ذروة المعنى القرآني في سورة الاصطفاء: سورة " آل عمران "
﴿يَأَ يُّها الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَبِطُوا واتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾
ومن قبل النظر في معجم مفردات البيان القرآني في هذه الآيات نفتقر إلى الوقوف عند أمورمهمة تجدر الإشارة إليها:
فصاحة المفردة القرآنية:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علماء بيان العربية لهم عناية بالغة بتفرس مفردات البيان العالي وما تتسم به من سمات الفصاحة المنيرة في مجال أدائها وتنغيمها، وفي مجال هيئتها وصورتها التكوينية، وفي مجال دلالتها على معناها وهدايتها إليه، وجعلوا لكل مجال معيارًا يعرف به ما يتحقق في تلك المفردات من سمات فصاحتها:
﴿﴾ كان من ذلك ما عرف عندهم بخلو الكلمة من تنافر حروفها