وفي اختيار "يا" للنداء، وهي عند بعض أهل العلم لنداء البعيد للدلالة على أن المنادى فيه شيء من البعد بالمعصية والذنوب عن المنادِى جل جلاله، فعليه أن يصغى لما ينادى عليه به ليزداد بهذه الطاعة قربا
وجاء تعريف المنادَى باسم الموصول دلالة على أنه المعروف بالصلة التى هي الإيمان وكأنَّ هذا الإيمان هو أجل ما يعرف به ذلك المنادَى، فهو شرفه الذي عليه أن يستمسك به، وأن يفخر بنعته به وأن يسعى إلى زيادته وتثبيته بالإكثار من الطاعات، والفرار من السيئات، فعليه العناية بفقه ما هو آت من بعد ذلك النداء من أمر بمعروف ونهي عن منكر.
ولم يأت في القرآن الكريم نداء " المؤمنين" إلا في آية واحدة في سورة " النور " حيث يقول الله تعالى: " وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون "
فأنت تلاحظ هنا أمورًا مهمة:
تلاحظ أنه أخَّر النداء عن الأمر، فقال أولا:" توبوا" ثم قال " أيه المؤمنون" لأن النداء في أصله لتنبيه الغافل أو البعيد، وهؤلاء ليسوا بالغافلين ولا بالمحل البعيد، ذلك أنهم مؤمنون، أيْ صارَالإيمان نعتا لهم، فهم معرفون بالصفة لابالصلة أي أن الإيمان في قلوبهم صار ملازما لهم ملازمة النعت منعوته، فهو فيهم كالطول في الطويل والقصر في القصير لايكاد يتخلى عنه، وقد جاء البيان بكلمة " المؤمنون" في سياقات التشريف والتكريم والثناء
" إِنَّما المؤمِنُون الَّذينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ…." ﴿ألأنفال﴾
" والْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنات بَعْضهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ " ﴿التوبة﴾
" قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُون َ" ﴿المؤمنون﴾
" وكانَ حَقًا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنينَ" ﴿الروم﴾
" إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةً" ﴿الحجرات﴾
" وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ" ﴿المنافقون﴾


الصفحة التالية
Icon