" وقوله: (اثاقلتم إلى الأرض) عبارة عن تخلفهم ونُكُولِهم وتركهم الغزو لسكنى ديارهم والتزام نخلهم وظلالهم وهونحو من أخلد إلى الارض "
وإذا ما نظرت في دلالة الفعل الذي قيل إن فعل (اثاقلتم) قد ضمن معناه وهو (مال) رأيت أن في هذا الفعل (مال) وداعة ورقة في التصوير لاتتناغى مع عنف ما كان منهم
وإذا قلنا إنه مضمن الفعل (أخلد) فإن في هذا الفعل معنى السكون إلى الشيء، وهذا المدلول مفتقر إلى الحركة التى تراها في قوله
(اثاقلتم) ومفتقر إلى معنى القوة والعنف الذي تراه في (اثاقلتم)
القول بالتضمين هنا فيه ضعف، فإن في قوله (اثاقلتم) معنى التساقط من علو، وهذا المعنى لاتجد منه شيئا في الفعل (مال) و (أخلد)
ومن أهل العلم بلسان العربية على أن " اثاقل" مما يتعدى بإلى من غير تضمينه معنى فعل آخر، وهذا مأ أميل إليْه.
وفي قوله: (اثاقلتم إلى الأرض) استعارة تمثيلية، فقد شيه حال من يدعى إلى الفزع إلى المجاهدة في سبيل الله وهو كاره ما يدعى إليه راكنٌ إلى متاع الدنيا بحال من يدعى إلى ما هو أعلى فيتساقط رغبة عن العلو
وهذا مما يقيم حالهم في صورة مشهودة تصويرًا لمقدارحالهم، وما بلغوه من التمسك بنعيم حاضرناقص زائل، ورغبة عن نعيم مقيم خالد
وليس شك في أن تصوير حالهم في الرغبة عن الدعوة إلى الجهاد في هذه الصورة الحسية تقرير لها في النفوس لتنفر منها وتتقي أن تكون من أهلها، فكل عاقل يأبى أن يكون في حال كحال من يرفع عمَّا هو دنيءٌ ومستقذر فيتساقط فيه ويرغب عن الارتفاع عنه