وقال المقاتلان ابن سليمان (١)، وابن حيّان: نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وغيره ممن كان يظهر المودّة لأهل مكة (٢).
قال الزجاج (٣) : معنى قوله: ﴿من دون المؤمنين﴾ أي: لا يجعل المؤمن ولايته لمن هو غير مؤمن، أي: لا يتناول الولاية مِن مكان دون مكان المؤمنين. وهذا كلام جرى على المثل في المكان. تقول: زيد دونك، ولست تريد المكان، ولكنك جعلت الشرف بمنزلة الارتفاع في المكان، والخسة كالاستفال.
ثم توعَّدهم، فقال: ﴿ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء﴾، أي [فالله بريء منه] (٤).
قوله: ﴿إلا أن تتقوا منهم تقاة﴾ يقال: تَقَيْتُه تُقَاةً وتُقَىً وتَقِيَّةً، والمعنى: إلا أن تخشوا منهم أمراً، تحتاجون معه إلى التَّقِيَّة، فتصانعوهم بألسنتكم، وتُفارقوهم بقلوبكم وأعمالكم، والتَّقِيَّة رخصة لا عزيمة، نص عليه إمامنا رحمة الله عليه قولاً، ودان به فعلاً في فتنة الاعتزال (٥)، وذلك حين دُعِيَ إلى القول بخَلْقِ القرآن، وقيل له تلك الأيام: إن عُرِضتَ على السيف تجيب؟ قال: لا، إذا أجاب العالم تَقِيَّةً، والجاهل بجهله، فمتى يظهر الحق؟ (٦).
(٢) تفسير مقاتل بن سليمان (١/١٦٤).
(٣) معاني الزجاج (١/٣٩٦).
(٤) في الأصل: هو بريء من الله، والتصويب من زاد المسير (١/٣٧١).
(٥) انظر: مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي (ص: ٣٨٥).
(٦) زاد المسير (١/٣٧٢).