وعياطاً"، فكلام يُشمِتُ به أعداءه، لا، بل يحزنهم عليه، فما أحقه بإنشاد قول الشاعر:
أغرى يديه بكشف عورته...... من أذن الله في فضيحته
لأن نبينا - ﷺ - لم يخبر بتسليط الشيطان على الإنسان بالنخس إلا حالة الولادة، فكيف يتوجه منه هذا الإلحاد؟ ومن أين يلزم أن تمتلئ الدنيا صراخاً وعياطاً؟ ولعله إذا استقرئ البلد العظيم، وتصفح مَن ولد فيه في يوم، لا يبلغ عدداً يوجب أضعاف أضعافه بعض ما توهمه، من امتلاء الدنيا صراخاً. فسبحان من حفظ هذا الدين بحملةٍ عدول، يَنْفُون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين. اللَّهم فاحفظنا من ضلالات الأهواء، وعافنا من خيالات الآراء.
فتقبلها رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ قوله تعالى: ﴿فتقبلها ربُّها بقبول حسن﴾ القَبُول: مصدر، والقياس فيه: الضم؛ كالدُّخول والخروج.
قال سيبويه: خمس مصادر جاءت على فَعُول منها: قَبُول.
والمعنى: رضيها ربّها بدل الذي نذرته.
قال ابن عباس: سلك بها طريق السعداء (١).
﴿وأنبتها نباتاً حسناً﴾ القَبول والنَّبَات مصدران يخالفان المصدر هاهنا.

(١) أخرجه الثعلبي (٣/٥٦).


الصفحة التالية
Icon