وقال ابن عباس: كان لا ينزل الماء (١).
وقيل: كان يمنع نفسه شهواتها.
قال النبي - ﷺ -: "كلُّ بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذَنْبٌ إلا ما كان من يحيى بن زكريا. ثم دلى رسول الله يده إلى الأرض، فأخذ عوداً صغيراً، ثم قال: وذلك أنه لم يكن له ما للرجال إلا مثل هذا العود" (٢).
لذلك سماه الله: ﴿سيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين﴾، أي: ونبياً كائناً من الصالحي الحال عند الله.
وقيل: المعنى: أنه من نسل الصالحين، وأولاد الأنبياء.
﴿قال رب أنّى يكون لي غلام﴾ ليس على وجه الشك في ما جاءه من عند الله؛ لأن الأنبياءَ معصومين من مثل هذه الحالة، ولا على وجه الاستبعاد، كما زعم جماعة من العلماء؛ لأن كمالَ معرفته بالله تنفي استبعاد ما ينفعل عن القدرة الإلَهية، ثم إن دلالة الحال، وإقدامه على السؤال تنفي استبعاده لذلك، وإنما هو استعلام عن الحالة التي يتكوّن الولد فيها. المعنى: أيأتينا الولد على الحالة التي أنا عليها من الكبر، وامرأتي من العقر؟ أم يأتينا بعد رد شبابي؟ وإزالة العقر عن امرأتي؟ هذا قول جماعة منهم: الحسن، وابن الأنباري، وابن كيسان (٣).

(١)... أخرجه الطبري (٣/٢٥٦)، وابن أبي حاتم (٢/٦٤٣). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢/١٩٠) وعزاه لأحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه الطبري (٣/٢٥٥)، وابن أبي حاتم (٢/٦٤٣)، والحاكم في المستدرك (٢/٤٠٤، ٤/٢٧٣). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢/١٩٠) وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر.
(٣)... ذكره الماوردي (١/٣٩١)، وابن الجوزي في زاد المسير (١/٣٨٤).


الصفحة التالية
Icon