قال قتادة: كان موسى حرَّم عليهم الإبل، والثُّرُوب (١)، وأشياء من الطير، فأحلّها عيسى (٢).
ثم بَرْهَنَ على النبوة بقوله: ﴿وجئتكم بآية من ربكم﴾.
ثم نفى البنوّة بقوله: ﴿إن الله ربي وربكم﴾، ثم أمرهم بالتوحيد بقوله: ﴿فاعبدوه هذا﴾ إشارة إلى ما قدم ذكره ﴿صراط مستقيم﴾ : طريق مستوٍ يفضي بكم إلى الجنة (٣).
قوله: ﴿فلما أحسّ عيسى منهم الكفر﴾ أي: عَلِمَهُ منهم علماً لا لبس فيه (٤)، كعلم ما يُدرَك بالحواس، اللائي هي إحدى مدارك اليقين. تقول: أَحْسَسْتُ بالشَّيْءِ وحَسَسْتُ به، فهو مُحَسٌّ، وقول الناس: مَحْسُوس؛ خطأ.
﴿قال مَن أنصاري إلى الله﴾ قال الأكثرون: "إلى" بمعنى "مع"، كقوله: ﴿إلى المرافق﴾ [المائدة: ٦]. والعرب تقول: الذَّوْدُ إلى الذَّود إبل (٥).
وقيل: المعنى: مَن أنصاري إلى أن أبيّن أمر الله.
وقيل: "إلى" تتعلق بمحذوف، حالاً من الياء، أي مَن أنصاري ذاهباً إلى الله ملتجئاً إليه (٦). قال ذلك حين كفروا به، وهمُّوا بقتله.
(٢) أخرجه الطبري (٣/٢٨٢). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢/٢٢٢) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير.
(٣) كتب مقابلها: بلغ محمد بن أحمد قراءة بمسجد الرقي مجلساً ثانياً.
(٤) قاله الزجاج (١/٤١٦)، والفرّاء (١/٢١٦).
(٥) انظر: الطبري (٣/٢٨٤).
(٦) قاله الزمخشري في الكشاف (١/٣٩٣).