وكان مجاهد والربيع بن أنس يقرآنها كابن مسعود ويحكمان بغلط الكاتب (١)، واحتج الربيع بقوله: ﴿ثم جاءكم رسول﴾ (٢).
ولا حُجَّة فيه؛ لما ذكرناه من حذف المضاف.
أو يكون التقدير: ثم جاءكم يا أمم النبيين الذين أخذ عليهم الميثاق، فلزمهم ما لزم أنبياءهم.
أو يكون التقدير: ميثاق النبيين وأممهم، فاكتفى بذكر المتبوع عن التابع.
قوله: ﴿لَمَا آتيتكم﴾ وقرأ حمزة "لِما" بكسر اللام.
وقرأ نافع: "آتيناكم" (٣). فمَن فتح اللام -قال الزجاج (٤) -: هي لام التحقيق دخلت على "ما" الجزاء كما تدخل على "إنْ".
ومعناه: لمهما آتيتكم من كتاب وحكمة، ثم جاءكم رسول مصدِّق لما معكم لتؤمنن به. وتكون "اللام" في ﴿لتؤمنن به﴾ جواب الجزاء.
ومن كسر اللام جعلها متعلقة بـ "أخذ"، أي: أخذ ميثاقهم للذي آتاهم.
وجائز أن تكون "ما" على القراءتين موصولة، أي للذي آتيتكموه لتؤمنن به.
﴿ثم جاءكم رسول﴾ وهو محمد - ﷺ -، ﴿قال ءأقررتم﴾ أي: قال الله للنبيين:
(٢)... أخرجه الطبري (٣/٣٢١) عن مجاهد والربيع بن أنس. وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢/٢٥٢) وعزاه لعبد بن حميد والفريابي وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد....
(٣) الحجة للفارسي (٢/٣٠-٣٤)، والحجة لابن زنجلة (ص: ١٦٨-١٦٩)، والكشف (١/٣٥٠)، والنشر (٢/٢٤٠)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ١٧٧)، والسبعة في القراءات (ص: ٢١٣-٢١٤).
(٤) معاني الزجاج (١/٤٣٧).