وقيل: هذا إيذانٌ بموتهم على كفرهم، لأن الذي لا تُقبل توبته من الكفار هو الذي يموت على الكفر. وهذا معنى قول الحسن ومجاهد (١).
قوله: ﴿إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به﴾ قال الزمخشري (٢) : إن قلتَ: لِم قيل في إحدى الآيتين "لن تقبل" بغير فاء، وفي الأخرى "فلن يقبل"؟
قلت: قد أوذن بالفاء أن الكلام بني على الشرط والجزاء، وأن سبب امتناع قبول الفدية هو الموت على الكفر. وبترك الفاء أن الكلام مبتدأ [وخبر] (٣)، ولا دليل فيه على التسبيب، كما تقول: الذي جاءني له درهم، لم تجعل المجيء له سبباً في استحقاق الدرهم بخلاف قولك: فله درهم.
قال الزجاج (٤) : ملء الشيء: مقدار ما يملؤُه.
قال سيبويه (٥) والخليل: المَلْءُ -بفتح الميم- الفعل، تقول: مَلأْتُ الشيء أَمْلؤُهُ مَلأً، المصدر بالفتح لا غير.
و"ذهباً" منصوب على التمييز (٦).

(١) أخرجه الطبري (٣/٣٤٤)، وابن أبي حاتم (٢/٧٠١) كلاهما عن السدي. وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢/٢٥٩) وعزاه لابن جرير عن السدي.
(٢) الكشاف (١/٤٠٩).
(٣) في الأصل: أو خبر. والتصويب من الكشاف (١/٤٠٩).
(٤) معاني الزجاج (١/٤٤٢).
(٥) الكتاب (٢/٤٢).
(٦) انظر: التبيان (١/١٤٣)، والدر المصون (٢/١٦٤).


الصفحة التالية
Icon