وقال الضحاك: وافقوا أباهم في التحريم (١).
وقال ابن السائب: حرّمه الله بعد التوراة، لا فيها، وكانوا إذا أصابوا ذنباً عظيماً حُرِّم عليهم طعام طيب، أو صُبَّ عليهم العذاب (٢).
﴿قل فأتوا بالتوراة فاتلوها﴾ لتعرفوا أن هذا التحريم كان من جهة يعقوب، ولم يكن من زمن إبراهيم ولا نوح، ﴿إن كنتم صادقين﴾ فيما تدَّعون من التحريم.
ومعنى الآية: أن المطاعمَ كلَّها كانت حلالاً لبني إسرائيل من قبل نزول التوراة، وتحريم ما حُرِّم عليهم منها لظلمهم وبغيهم، لم يحرّم منها شيء قبل ذلك سوى المطعوم الذي حرَّمه يعقوب على نفسه، فتبعه أولاده على تحريمه.
وتتضمن الآية أيضاً تكذيبهم حيث أرادوا براءة ساحتهم مما عيَّرهم الله به في قوله: ﴿فَبظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ﴾... إلى قوله: ﴿عَذاباً أَلِيماً﴾ [النساء: ١٦٠-١٦١]، وفي قوله: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ البَقَرِ وَالغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا﴾... إلى قوله: ﴿ذلِكَ جَزَيْنَاهُم ببَغْيِهِمْ﴾ [الأنعام: ١٤٦]، فقالوا: لسنا بأول من حُرِّم عليه هذا، وإنما هو محرَّم على نوح وإبراهيم، حتى انتهى التحريم إلينا فحرِّم علينا، فكذبهم الله بهذه الآية.

(١)... أخرجه الطبري (٤/٢). وذكره الماوردي (١/٤١٠) بلا نسبة.
... وهذا القول أصح الأقوال.
(٢)... أخرجه الثعلبي (٣/١١٣). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (١/٤٢٣).


الصفحة التالية
Icon