وفي الصحيحين من حديث أبي ذر قال: "قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الأرْضِ أَوَّلاً؟ قَالَ: المَسْجِدُ الحَرَامُ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: المَسْجِدُ الأقْصَى، قال: قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً" (١).
وفي آخر حديث البخاري: "ثم الأرض لك مسجد، فحيث ما أدركتك الصلاة فَصَلِّ، فإن الفضل فيه" (٢).
وقد أوردنا عند قوله: ﴿وَإِذ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ﴾ [البقرة: ١٢٧] ما يدل على أوّليته أيضاً.
واختلفوا في بكة ومكة؛ فقال الضحاك: هما واحد (٣)، واحتجوا بأن الباء تبدل من الميم؛ كلازم ول، وسَبَّدَ رأسه وسَمَّدَه؛ إذا استأصله (٤).
وذهب الأكثرون إلى أن بينهما فرقاً، فقالوا: مكة -بالميم-: اسم لجميع البلد، وبكة: اسم للبقعة المبنى فيها البيت. قاله ابن عباس ومجاهد وإبراهيم في آخرين (٥).
وقال الزهري: بكة -بالباء-: اسم للمسجد والبيت، ومكة: اسم للحرم كله (٦).
(٢)... أخرجه البخاري (٣/١٢٦٠ ح٣٢٤٣).
(٣) أخرجه الطبري (٤/١٣٨). وذكره الواحدي في الوسيط (١/٤٦٦) بلا نسبة، وابن الجوزي في زاد المسير (١/٤٢٥)، والسيوطي في الدر المنثور (٢/٢٦٧) وعزاه لابن جرير.
(٤) انظر: اللسان، مادة: (سبد، سمد).
(٥) انظر: الطبري (٤/٩)، وابن أبي حاتم (٣/٧٠٩)، والثعلبي (٣/١١٥).
(٦) أخرجه الطبري (٤/١٠)، وابن أبي حاتم (٣/٧٠٩)، والثعلبي (٣/١١٥). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢/٢٦٧) وعزاه لابن جرير.