التذكير لهم بنِعَمِ الله عليهم وإحسانه إليهم.
وقال القاضي أبو يعلى (١) :"وأنتم شهداء" أي: عُقلاء.
ثم هدَّدهم فقال: ﴿وما الله بغافل عما تعملون﴾.
يا أيها الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (١٠٠) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ اتةتب
قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب... الآية﴾ سبب نزولها: أن رجلاً من اليهود يقال له: شاس بن قيس -وكان شيخاً يهودياً عاسياً (٢) عاتياً شديد الشكيمة في كفره-، مرّ بمجلس فيه نفر من الأوس والخزرج، فغاظه اتفاقهم على الإيمان، بعد افتراقهم زمن عبادة الأوثان، فحمله البغي والعناد على إيقاد نار الفساد، فأنشدهم أشعارَ بُعَاث (٣) ؛ ليبعثهم على الشر، وهو يومٌ عظيم من أيام حروبهم، وكان الظفر فيه للأوس، فتنازع الحَيَّان عند ذلك، وتفاخروا، وأخذتهم الأنفة، والحمية، حتى دعوا بدعوى الجاهلية، وأخذوا السلاح، واصطفوا للقتال، فأنزل الله هذه الآية وما في حيزها؛ فأقبل بها نبي الرحمة حتى وقف بين الصَّفَّيْن، فقرأها، ورفع بها صوته، فأنصتوا، وعلموا أنها نزغة
(٢) عَسَا الشيخُ يَعْسُو عَسْواً وعُسُوّاً وعُسِيّاً: كَبرَ (اللسان، مادة: عسا).
(٣)... يوم بُعاث: كان فيه حرب بين الأوس والخزرج في الجاهلية، وهو يوم من مشاهير أيام العرب (انظر: اللسان، مادة: بعث). وكان الظهور فيه للأوس.