و"جميعاً" نصب على الحال (١).
﴿ولا تفرَّقوا﴾ أصلها: تتفرقوا، فحذفت التاء الثانية الأصلية؛ لاتفاقهما في الجنسية.
فإن قيل: هلاَّ حُذفت التاء الأولى -لمكان زيادتها- وأقرّتِ الأصلية؟
قلتُ: لأن الأُولى دخلت لمعنى الاستقبال، فكان حذف ما لا معنى فيه أولى.
وابن كثير في رواية البزي (٢) يشدِّد التاء على الإدغام، وهذا مذهبه في كل ما أصله تاءان، مثل: ﴿وَلاَ تَيَمَّمُواْ الخَبيثَ﴾ [البقرة: ٢٦٧]، ﴿وَلاَ تَجَسَّسُوا﴾ [الحجرات: ١٢]، وذلك في إحدى وثلاثين موضعاً في القرآن (٣).
والمعنى: لا تختلفوا وتتفرقوا، كما تفرقت اليهود والنصارى.
﴿واذكروا﴾ أيها الأوس والخزرج ﴿إذ كنتم أعداء﴾ تتناحرون، ورحى الحرب تدور بينكم مائة وعشرين سنة ﴿فألَّف بين قلوبكم﴾ بالإسلام، وبمحمد عليه الصلاة والسلام، ﴿فأصبحتم﴾ أي: فَصِرْتُم ﴿بنعمته إخواناً﴾ يعني: إخوة في الدين ﴿وكنتم على شفا حفرة﴾ أي: على حرف هوة ﴿من النار﴾ وهو تمثيل لقربهم من الهلاك، على معنى: ليس بينكم وبين الخلود في النار سوى مفارقة هذه الدار، ﴿فأنقذكم منها﴾ بمحمد - ﷺ -.

(١) انظر: الدر المصون (٢/١٧٧).
(٢) أحمد بن محمد بن عبد الله البزي، أبو الحسن المكي، من كبار القراء، قال ابن الجزري: أستاذ محقق ضابط متقن، توفي سنة خمسين ومائتين (طبقات القراء لابن الجزري ١/١٢٠، والأعلام للزركلي ١/٢٠٤).
(٣) النشر (٢/٢٣٢).


الصفحة التالية
Icon