وقال مقاتل (١) : في نفقة [سفلة] (٢) اليهود على علمائهم.
﴿كمثل ريح فيها صِرّ﴾ وهو البرد الشديد، وقيل: النار، سميت بذلك؛ لتصويتها عند التهابها، فأعلمهم الله عز وجل أن ضرر نفقتهم في طاعة الشيطان ومعصية الله على أنفسهم؛ كضرر هذه الريح على هذا الزرع.
وقوله: ﴿أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم﴾، بالكفر والمعاصي، ومنع حق الله منه، فإنهم إذا كانوا بهذه المثابة، كان سخط الله عليهم أشد، وكانت العقوبة في حقهم أعظم.
وقيل: ظلموا أنفسهم بالزرع في غير أوانه.
فإن قيل: الغرضُ تمثيلُ نفقتهم في ضياعها وذهاب نفعها بما أهلكته الريح، فكيف قال: "كمثل ريح"، والمثل ليس للريح، وإنما هو لما أهلكته؟
قلت: قد سبق الكلام على نظائره.
ويجوزُ أن يكونَ المعنى: مَثَلُ إهلاك نفقتهم كمثل إهلاك الريح، أو مثلها كمثل مهلك الريح، وهو الحرث.
قوله: ﴿وما ظلمهم الله﴾ يعني: المُنْفِقِين، ما ظلمهم إذ لم يتقبل نفقتهم، ﴿ولكن أنفسهم يظلمون﴾ حيث لم يسلكوا بها مسلك ما يُتقبل من النفقات التي يُتقرب بها إلى الله، وتجدي على أصحابها نفع الدنيا والآخرة.
ويجوز أن يكون المعنى: وما ظلم الله أصحاب الحرث الذين اجتاحت الريح

(١) تفسير مقاتل (١/١٨٨). وذكره الواحدي في الوسيط (١/٤٨٢)، وابن الجوزي في زاد المسير (١/٤٤٥).
(٢) زيادة من المصادر السابقة.


الصفحة التالية
Icon