﴿والله وليُّهما﴾ : ناصرهما.
قال جابر بن عبد الله لفرط استبشاره بإنزال الله آية ناطقة بثنائه عليهم، وولايته لهم: والله ما يسرنا أنّا لم نَهُمَّ بالذي هممنا به، وقد أخبرنا الله أنه وليّنا (١).
وفي الصحيحين من حديث جابر: نحن الطائفتان؛ بنو حارثة، وبنو سلمة، وما يسرني أنها لم تنزل، لقول الله تعالى: ﴿والله وليُّهما﴾ (٢).
وقرأ ابن مسعود: "والله وليُّهم" (٣)، مثل قوله: ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ [الحجرات: ٩].
﴿وعلى الله فليتوكل المؤمنون﴾ التوكل: الاعتماد على الغير، وإظهار العجز (٤). يقال: فلان وُكْلَةٌ تُكَلَةٌ، أي: عاجِزٌ، يَكِلُ أمره إلى غيره (٥).
فالتوكلُ على الله: تفويضُ الأمر إليه، والاعتماد عليه ثقة بحسن تدبيره، وتفويضاً إلى قضائه وتقديره.
قوله: ﴿ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة﴾ : بدر (٦) : اسم لماء بين مكة والمدينة،
(٢) أخرجه البخاري (٤/١٤٨٨ ح٣٨٢٥، ٤/١٦٦٠ ح٤٢٨٢)، ومسلم (٤/١٩٤٨ ح٢٥٠٥).
(٣) انظر: الطبري (٤/٧٤)، والبحر المحيط (٣/٥١).
(٤) انظر: اللسان، مادة: (وكل). وهذا حد التوكل في اللغة.
(٥) انظر: اللسان، مادة: (وكل). يقال: رجل وُكَلة تُكَلَة؛ إِذا كان عاجزاً، يَكلُ أَمْرَه إِلى غيره، ويَتَّكِلُ عليه؛ والتاء في تُكَلَةٍ أَصلها الواو، قلبت تاء؛ وكذلك التُّكْلانُ، أَصله وُكْلان.
(٦) بدر: ماء مشهور بين مكة والمدينة أسفل وادي الصفراء، بينه وبين الجار، ينسب إلى بدر بن يخلد بن النضر بن كنانة، أو بدر بن قريش، وبه سميت الوقعة المباركة؛ لأنه كان احتفرها. وبهذا الماء كانت الواقعة المشهورة التي أظهر الله بها الإسلام وفرّق بين الحق والباطل في شهر رمضان سنة اثنتين للهجرة (معجم البلدان ١/٣٥٧-٣٥٨).