يخافون عليهم، ليبعثهم على العدل في أموال الأيتام، الذين هم تحت ولايتهم، والنظر في مصالحهم، والقيام بواجب ما استرعاهم الله عليه.
فعلى هذا يكون المعنى: وليقولوا قولاً سديداً للأيتام، لا يزجروهم ولا ينهروهم ويخاطبونهم كما يخاطبون أولادهم بلطف وشفقة؛ جبراً لكسر يُتْمِهم وضعفهم.
قوله تعالى: ﴿إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً﴾ قال مقاتل: نزلت في رجل من غطفان، يقال له: مرثد بن زيد، أكل مال ابن أخيه اليتيم (١).
﴿إنما يأكلون في بطونهم ناراً﴾ أي: ما يُفضي بهم إلى النار. وخُصَّ الأكل بالذِّكْر، وإن كان غيره في معناه؛ لأنه معظم ما تذهب الأموال فيه. وذكر البطون للتوكيد؛ كقوله: ﴿يطير بجناحيه﴾ [الأنعام: ٣٨]، ﴿فويل لهم مما كتبت أيديهم﴾ [البقرة: ٧٩].
قال السدي: يُبعث يوم القيامة ولهبُ النار يخرج من فيهِ وأُذنيه وعينيه، يعرفه مَن رآه بأكل مال اليتيم (٢).
وفي الحديث عن النبي - ﷺ -: "رأيتُ ليلة أُسْريَ بي قوماً لهم مَشَافر كمَشَافر الإبل (٣)، إحداهما قَالِصَة (٤) على منخريه، والأخرى على بطنه، وخزنة النار

(١) أخرجه الثعلبي (٣/٢٦٣). وذكره الواحدي في أسباب النزول (ص: ١٤٨).
(٢) أخرجه الطبري (٤/٢٧٣)، وابن أبي حاتم (٣/٨٧٩). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢/٤٤٣) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم.
(٣) المشافر: جمع مِشْفَر، والمِشْفَر للبعير كالشَّفة للإنسان (اللسان، مادة: شفر).
(٤) قَلَصَتْ شفته: شَمَّرت ونقصت (اللسان، مادة: قلص).


الصفحة التالية
Icon