بذكر الكلالة. وهذا الترتيب يقتضي أن تكون الكلالة: مَن عدا الوالد والولد.
الحُجّة الرابعة: قول الفرزدق (١) :
وَرِثتُم قَنَاةَ المَجدِ، لاَ عَنْ كَلالَةٍ... عَنِ ابْنَيْ مَنَافٍ عَبْدِ شَمْسٍ وَهَاشِمِ (٢)
دَلَّ هذا البيت على أنهم ما ورثوا المُلك عن الكلالة، ودَلَّ على أنهم ورثوه عن آبائهم. وهذا يوجب أن لا يكون الأب داخلاً في الكلالة.
الفصل الثاني:
اعلم أن الكلالة قد تُجعل وصفاً للوارث، وللموروث، فإذا جعلناها وصفاً للوارث، فالمراد: مَن سوى الولد والوالد. وإذا جعلناها وصفاً للموروث، فالمراد: الذي يرثه مَن سوى الوالد والولد.
أما بيان أن هذا اللفظ مستعمل في الوارث. فالدليل عليه: ما روى جابر بن عبد الله قال: "مرضت مرضاً أشفيت (٣) منه على الموت، فأتاني النبي - ﷺ - فقلت: يا رسول الله؛ إني رجل لا يرثني إلا كلالة" (٤)، وأراد به: أنه ليس له لا والد ولا ولد.

(١) همام بن غالب بن صعصعة التميمي، أبو فراس البصري، الشهير بالفرزدق، شاعر، من النبلاء، عظيم الأثر في اللغة، كان يقال: لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب. توفي سنة عشر ومائة (سير أعلام النبلاء ٤/٥٩٠، والأعلام ٨/٩٣).
(٢) البيت للفرزدق من قصيدته في قتل مسلم بن قتيبة. انظر: ديوانه (ص: ٦٢) وروايته: (ورثتم قناة المُلْك غير كلالة). وانظر البيت في: اللسان، مادة: (كلل)، والقرطبي (٥/٧٦)، والبحر المحيط (٣/١٩٧)، والدر المصون (٢/٣٢٤).
(٣) أشفيت: أي: أشرفت (اللسان، مادة: شفي).
(٤) أخرجه البخاري (٥/٢١٤٨ ح٥٣٥٢)، ومسلم (٣/١٢٣٥ ح١٦١٦).


الصفحة التالية
Icon