تكون النون عوضاً منه.
وقيل: جعل التشديد عوضاً من الحذف الذي لحق الكلمة، ألا ترى أن قولهم: "ذا" قد حذف لامها، وقد حذفت الياء من "اللذان" و"هذان"، وكان حقهما في التثنية: "اللذيان" و"هاذيان"، فجعل التشديد فيه عوضاً من المحذوف عنه في التثنية.
"فآذوهما": قال ابن عباس: بالتوبيخ، والتعيير، والضرب بالنعال (١).
﴿فإن تابا﴾ من الفاحشة ﴿وأصلحا﴾ العمل بعد ذلك ﴿فأعرضوا عنهما﴾ أي: عن أذاهما.

فصل


كان حكمُ الزانية في صدر الإسلام أن تُحْبَس في البيت حتى تموت، وحكم الزاني أن يُؤذى، كما قال ابن عباس، فنُسخ الحكمان في حقهما.
واختلفوا في الناسخ:
فذهب جماعة من المفسِّرين إلى أنه نسخ بحديث عبادة بن الصامت،
وهو ما أخبرنا به الشيخان، شيخ الإسلام موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي بدمشق، وأبو بكر محمد بن سعيد بن الموفق الخازن (٢) ببغداد، قال كل واحد منهما: أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد
(١) أخرجه الطبري (٤/٢٩٦)، وابن أبي حاتم (٣/٨٩٥-٨٩٦)، والثعلبي (٣/٢٧٢).
(٢) محمد بن سعيد بن أبي البقاء الموفق الخازن النيسابوري البغدادي، من رواة مسند الشافعي، كان من جلة الصوفية. توفي سنة ثلاث وأربعين وستمائة (سير أعلام النبلاء ٢٣/١٢٤، وشذرات الذهب ٥/٢٢٦).


الصفحة التالية
Icon