وذهب أبو حنيفة ومالك إلى جواز ذلك (١).
والصحيح: أن حديث عبادة مبيِّن للسبيل لا ناسخ.
وقال قوم: المراد بقوله: ﴿واللذان يأتيانها منكم فآذوهما﴾ : البكران، ثم نُسِخَ بقوله: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ﴾ (٢) [النور: ٢].
والذي يقتضيه البحث الصحيح: ظهور العموم في الثيِّب والأبكار، فنُسِخ في حق البكر بقوله: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾، ونُسِخ في حق الثيِّب بوحي رفع رسمه، وبقي حكمه.
وإلى هذا أشار عمر بن الخطاب بقوله على المنبر يوم الجمعة مع توافر المهاجرين والأنصار: "إن الله بعث محمداً بالحق وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها، ورجم رسول الله - ﷺ - ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان، أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلُّوا بترك فريضة أنزلها الله، والرجم في كتاب الله حق على مَن زنا، إذا أُحصن من الرجال والنساء" (٣).
والذي يدُلُّك على أن هذا هو الصحيح، وأن الحبس والأذى كان حكماً للبكْر والثيِّب، قوله عليه السلام: "خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهنَّ

(١) انظر: اللمع للشيرازي (١/٥٩)، والفصول في الأصول (٢/٣٢١)، والأحكام للآمدي (٣/١٥٩)، وروضة الناظر (ص: ٨٤).
(٢) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص: ٣٠٦) وما بعدها، والناسخ والمنسوخ لابن سلامة (ص: ٦٨-٦٩)، ونواسخ القرآن لابن الجوزي (ص: ٢٦٢-٢٦٣).
(٣) أخرجه البخاري (٦/٢٥٠٣ ح٦٤٤٢)، ومسلم (٣/١٣١٧ ح١٦٩١).


الصفحة التالية
Icon