مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: ١٣ - ١٤]: قيل لبعضهم بعد خروجه من البحر: ما أعجب ما رأيت فيه؟ قال: سلامتي. فينبغي للمتلبس بهذه الحالة استذكار الآخرة والاستعداد لها، فليجتلب ما ينجبه من طاعة الله ويجتنب ما يرديه من معصيته...
- وقال عند قوله تعالى: ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: ٦]: كنا يوماً نتدارس القرآن في بيت من بيوت الله برأس عين، سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وكان عام قحط وغلاء وموت ذريع بسبب الجوع، فأتينا على هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ وعندنا رجل من ذوي اليسار يستمع القرآن سماع تفكر واعتبار، فصاح صيحة شديدة، وألقى نفسه في وسط الحلقة كهيئة الولهان، ثم تراجعت إليه نفسه فقال لنا: أشهدكم أن لله في مالي مائة مكوك من الحنطة، وستمائة درهم أصلحها بها وأطعمها لفقراء المسلمين، أقي بها نفسي وأهلي من نار جهنم، ثم نهض وأمضى ذلك باطلاع منا في أيام، فكان مجموع ما أنفق نحواً من مائتين وخمسين ديناراً تقريباً.
١٢. جمع بين الروايات المتعارضة الواردة في الموضوع:
- فقد قال عند قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ [آل عمران: ١٤٣]، والمعنى: فقد رأيتم أسبابه ﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ توكيد، على معنى: وأنتم بصراء.
وقيل: وأنتم تنظرون ما تمنيتم.
(١/ ٦٦)


الصفحة التالية
Icon