[الأعراف: ١٥٧] : وهو القرآن الكريم، سمي نوراً؛ لأنه يُهتدى به ويُستضاء في طريق النجاة.
فإن قيل: القرآن نزل مع جبريل، فكيف قال "معه"؟
قلت: منهم من فسر المعيّة بالمقارنة في الزمان، أي: النور الذي أنزل في زمانه.
وقال صاحب الكشاف (١) : المعنى أنزل مع نبوته؛ لأن استنباءه كان مصحوباً بالقرآن مشفوعاً به. ويجوز أن يتعلق "باتبعوا" أي: اتبعوا القرآن المنزل مع اتباع النبي والعمل بسنته، وبما أمر به ونهى عنه، أو يكون المعنى: واتبعوا القرآن كما اتبعه مصاحبين له في اتباعه.
وهذه الأوجه حسنة شديدة، ويحتمل عندي إجراء اللفظ على ظاهره، وأن يكون المراد بالنور الذي أنزل معه؛ ما نزل به ليلة المعراج من القرآن، وهي خواتيم سورة البقرة -على ما ذكرناه في آخرها-، وما أوحاه الله إلى عبده في تلك الحضرة المقدسة، فإن بعض القرآن يسمى نوراً، قال الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾ [النساء: ١٧٤]. ومعلوم أنه قد نزل بعد هذه الآية قرآن كثير.
إذا ثبت ذلك فنقول: إذا اتبع الإنسان خواتيم سورة البقرة واستضاء بنورها كان موافقاً لرسول الله - ﷺ - في الإيمان بما أنزل إليه من ربه، والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسوله، وقارنه الفلاح والفوز الأبدي.
ويؤيد هذا: أن خواتيم سورة البقرة سميت نوراً؛ ففي صحيح مسلم من حديث ابن عباس، أن المَلَك قال للنبي - ﷺ -: "أبشر بنورين أوتيتهما: فاتحة الكتاب،

(١) الكشاف (٢/١٥٧).
(١/٧٩)


الصفحة التالية
Icon