قلتُ: لئلا يظنّ ظانّ أو يتوهّم متوهّم أن ما جرى بين هذه السادة الذين هم أفاضل الصحابة من الحروب والتنازع موهن لمراتب فضلهم في الآخرة، وموجب لاستنزالهم عن أعلى منازل الجنة، كما ظن الغواة الغلاة من الرافضة، وإلى ذلك أشار - ﷺ - بقوله: "وما يدريك أن الله اطّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" (١).
أنبأنا حنبل بن عبد الله بن الفرج، أخبرنا هبة الله بن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا القطيعي، حدثنا عبدالله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا روح، عن [سعيد] (٢)، عن قتادة، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - ﷺ - :"يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتصّ لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفسي بيده لأحدهم أهدى بمنزلته في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا" (٣). هذا حديث صحيح، انفرد بإخراجه البخاري.
واسم أبي الصديق: بكر بن عمرو.
قرأتُ على قاضي القضاة أبي صالح نصر بن عبدالرزاق بن عبدالقادر الجيلي الحنبلي رحمه الله، أخبرتكم شهدة بنت أحمد بن الفرج فأقرَّ به، حدثنا أبو الفضل محمد بن عبد السلام الأنصاري، حدثنا الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب

(١)... أخرجه البخاري (٣/١٠٩٥ ح٢٨٤٥)، ومسلم (٤/١٩٤١ ح٢٤٩٤).
(٢) في الأصل: شعبة. والتصويب من مسند أحمد (٣/١٣)، وسعيد هذا هو ابن أبي عروبة.
(٣)... أخرجه البخاري (٥/٢٣٩٤ ح٦١٧٠)، وأحمد (٣/١٣ ح١١١١٠).
(١/١٢٦)


الصفحة التالية
Icon