﴿ أورثتموها ﴾ قرأ ابن كثير ونافع وعاصم: بالإظهار، وأدغم الباقون (١)، وكذلك خلافهم في الزخرف (٢). فمن أَظْهَرَ فعلى الأصل، وزاده قوةً؛ تباين مخرجي الثاء والتاء، ومن أدغم؛ فلتقارب المخرجين، وزاده جودةً؛ كونهما مهموسين، والثاني أقوى من الأول، فيزداد بالإدغام قوة.
والمعنى: أورثتموها من الكفار، يدل عليه ما روى أبو هريرة عن النبي - ﷺ - أنه قال: "ما من أحد إلا وله منزلٌ في الجنة ومنزلٌ في النار. فأما الكافر فإنه يرث المؤمن منزله من النار، والمؤمن يرث الكافر منزله من الجنة، فذلك قوله: ﴿ أورثتموها بما كنتم تعملون ﴾ " (٣).

فصل


قال الزمخشري (٤) :﴿ أورثتموها بما كنتم تعملون ﴾ بسبب أعمالكم لا بالتفضل كما تقول المبطلة.
قلت (٥) : هذا كلام خبيث تقشعر منه الجلود، فإن النعم بأسرها وإن نيطت بأسبابها الظاهرة تفضلٌ من الله. قال الله تعالى: ﴿ وما بكم من نعمة فمن الله ﴾
(١)... فقرؤوا: "أورتموها" وهي قراءة أبي عمرو وابن ذكوان وهشام وحمزة والكسائي. انظر: النشر (٢/٢٦٩)، والحجة للفارسي (٢/٢٤٠)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ٢٢٤)، والسبعة في القراءات (ص: ٢٨١).
(٢)... في قوله تعالى: ﴿ وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ﴾ (آية رقم: ٧٢).
(٣)... أخرجه ابن أبي حاتم (٥/١٤٨١). وذكره السيوطي في الدر (٧/٣٩٤) وعزاه لابن أبي حاتم وابن مردويه.
(٤) الكشاف (٢/١٠١).
(٥)... أي المصنف رحمه الله.
(١/١٣٠)


الصفحة التالية
Icon