بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب } [ق: ٣٨] أي: نصب وتعب، نفى سبحانه وتعالى عن نفسه اللغوب حين ذكر ما دلّ على عظيم اقتداره وبديع صنعته من خلق السموات والأرض في ستة أيام، ولا مرية أن هذا المعنى بالأيام المعلومة أشبه.
فإن قيل: ما الحكمة في إنشاء الخلق في هذا الزمن المتطاول، والله تعالى قادر على إيجاده في أقرب الأزمان؟
قلت: فيه حِكَم؛ منها: إظهار عظمته للملائكة بما يبدي في كل يوم من عجائب قدرته وبدائع صنعته ولطائف حكمته، وتنبيههم على شرف من ابتدع هذه المخلوقات لأجلهم، واخترع هذه المصنوعات لمصالحهم، فإن إنشاء هذه الأشياء شيئاً فشيئاً أبلغ في الحكمة وأوقع في الصدور من وقوعها جملة واحدة.
ومنها: تعليم العباد الرفق والتثبت في الأمور؛ لأنه إذا تثبت من لا يجوز تطرق الزلل إليه، فتثبت من يجوز عليه أولى.
قوله تعالى: ﴿ ثم استوى على العرش ﴾ قال الخليل بن أحمد: العرش: السرير، وكل سرير لملك يسمى عرشاً (١).
قال مجاهد: ما السموات والأرض في العرش إلا مثل حلقةٍ بأرض فلاة (٢).
وقال كعب: إن السموات والأرض في العرش كالقنديل معلقاً بين السماء

(١) زاد المسير (٣/٢١٢).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٦/١٩٢٠). وذكره السيوطي في الدر (٤/٣٣٥) وعزاه لسعيد بن منصور وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(١/١٤٧)


الصفحة التالية
Icon